ثمة عدة معطيات تشابكت فيما بينها، لترسم صورة الوضع ألأمني المتردي المتمثل بالتفجيرات الأرهابية ألأخيرة..في مقدمة تلك المعطيات ارغام الشعب العراقي على القبول بمشروع التقسيم..
ومن المؤكد أن استمرار استهداف أبناء الشعب العراقي عبر التفجيرات الإرهابية والاغتيالات، يحمل رسائل متعددة المضامين ، غير أن المضمون التقسيمي هم الأكثر وضوحا بينها.. وهو محاولة لخلق حالة من الانقسام بين مكونات الشعب العراقي كمقدمة للتقسيم، لأن التقسيم لا يمكن أن يحصل إلا بعد أن توفر له البيئة المنقسمة.. وثمة معطى مهم في هذا المنحى يتمثل في أن وتيرة هذه الاستهدافات تتصاعد حدتها، مع تزايد الخلافات والانقسامات السياسية...وبالنتيجة فإن الشعب العراقي وحده من يتحمل أعباء المخططات والمشاريع التقسيمية، مثلما يتحمل أيضا قسطه من المسؤولية عن الذهاب الى التقسيم مادام قد وضع مفاتيح أبواب بيوته بيد سراق الكحل من العين..!.
وكنتيجة منطقية للإحتراب السياسي الدائر على ساحتنا المحلية، ربما سنشهد ما شهدته قبلنا بعض المستعمرات البريطانية السابقة، حينما دعا بعض سكانها بعد تحريرها الى «عودة الاستعمار» إلى بلادهم.. وكانت تلك الدعوات حقيقية، فمثلا في روديسيا المستعمرة البريطانية السابقة في أفريقيا التي كان يحكمها البيض، قامت جماعة سياسية مخلصة لبلدها لا يمكن أن توصم بالعمالة، فشكلت حزبا ، بنود برنامجه السياسي عودة الاستعمار إلى بلادها! وكان وراء هذه النزعة السياسية الغريبة، ضيق شديد بالعبث السياسي والإداري والإنمائي الذي تمارسه السلطات الحاكمة في ذلك البلد..اي أن الدعاة الى عودة الأستعمار يقدمون مسوغا بمنطق ميداني يفيد أن بلادهم كانت أكثر أمنا واستقرارا، وأفضل تعليما، وأجود إدارة، وأعدل قضاء في عهد الاستعمار منها في عهد «الحكم الوطني».
فهل سيأتي اليوم الذي يظهر بيننا واحد أو جماعة تدعو الى عودة الإحتلال الأمريكي، أو عودة البعث الصدامي إلى السلطة من جديد ؟..الاحتمال غير مستبعد نظريا، لا ..بل نحن في ساعات صباح مثل هذا اليوم..وإلا ماذا تسمون هذا الحراك المجنون في محافظات بعينها إن لم يكن يهدف الى عودة البعث ولو بثوب جديد، أو أنه سيفتح الباب على مصراعيه لعودة الأحتلال الأمريكي ـ أو سواه وبثوب تركي ربما..! للدفاع عن المظلومين من البعثيين المساكين..!...
ومع أن كلتا الدعوتين ضرب من الجنون، يدفع إليه الإحباط المحطم أكثر مما دفع إليه العقل والمصلحة، لكن يتعين ملاحظة أن من طبيعة الآراء التي تظهر في حالات الإحباط والقنوط، أن تكون فيها العقلانية والحكمة قد تدنت الى أدنى حد.
وفي هذا الصدد نشير الى أنه يمكن أن يكون الشيء ضخما وعملاقا، ولكنه بعين الوقت يمكن أن يكون تافها لا قيمة له..والأدلة كثيرة..تخيلوا جثة فيل ميت..!..عملاق وضخم بنظر كل الكائنات الأقل منه حجما بضمنها الأنسان طبعا، لكن جثة فيل نافق لا قيمة لها..
ربما سنصل بعمليتنا السياسية الى مستوى أن تتحول الى جثة فيل نافق، أو ربما حتى جثة حمار..!
كلام قبل السلام: الذين يهزمون الهدف وهم في الطريق إليه قوم لا يعقلون..!
سلام...
https://telegram.me/buratha