جبار التميمي
صدق أمير البلغاء وسيد الحكماء أمامنا علي بن أبي طالب عليه السلام وهو يقول ( لاغنى كالعقل ولافقر كالجهل ) ..لان الجهل يفتح إلف باب إلى الفقر والعلم يفتح كل أبواب الغنى والثراء والمجد بأشكاله المختلفة .. فالجهل في مجتمعنا هو القرين المثالي والأول للفقر .. فحيثما يضرب الفقر أطنابه تطفح مستنقعات الفقر لتطيح بأسس ومرتكزات الوجود الإنساني بمعانيه المختلفة .. ومثل جدل البيزنطينيين الذين لم ينتهوا بنهايتهم يبدو الحديث عن دورة (الجهل في طبيعة الفقر) متسلسلا ... فالمجتمعات الفقيرة التي يفترسها الجهل تكون مفتوحة الأبواب أمام إشكال التجهيل المختلفة بداءُ بالحقوق والواجبات وليس انتهاء بالعادات والتقاليد والجريمة وغيرها من الإشكاليات المتلازمة التي تتحدث عنها لغة الأرقام .. فمستويات الجريمة والعنف الاجتماعي تقفز عشرات المرات في الأحياء والمناطق الفقيرة عن أمثالها في المناطق الأفضل حالا وهكذا الحال بالنسبة لغيرها من الإشكالات القانونية والعلاقات الاجتماعية .. في المناطق الفقيرة تتضخم المشكلات وتتعقد حيث لاأساس واقعي منظم ومرتب وحيوي يمكن أن يوفر فرصا لإنعاش الحل .. وفي العراق تشبه مشكلات المناطق الفقيرة مشكلات غيرها في مناطق وبلاد العالم الأخرى ... إلا أن الوضع في العراق مختلف تماما .. فالفقر مركب ومصطنع لان رؤؤس الأموال الضخمة التي تضيع بين الإهدار وسوء التوزيع وسوء التخطيط والتنفيذ لمشاريع البنى التحتية تطلق النار على خطط أحياء المناطق الفقيرة والقفز بالمستوى المعاشي والحياتي والخدمي لبناء تلك المناطق المنكوبة ..وحيث يتخم المتخمون في مناطق ومدن أخرى تشتد تعقيدات الحياة عند مجتمع البسطاء المحرومين .. وتبدو الحلول شبه غائبة . صحيح أن ماتوفر من مشاريع خدمية في البلاد طيلة السنوات الماضية قد غير من مجريات الحياة بصورة عامة في البلاد لكن المناطق المحرومة ظلت ضحية دائمة لسوء توزيع الثروات .. فاغلب أبنائها ظلوا فقراء أو في درجات اقل من الفقر في أحيان كثيرة .. والمشاريع الكبرى التي تنفذ واقع حال المناطق تلك بشكل جذري ظلت مقيدة بسلسلة من الاجتهادات والمشكلات التي لاتريد أن تنتهي .. وحيث يحتاج البلد إلى نهضة حقيقية تبقى المشكلة الكأداء ذاتها ويظل اؤلئك المحرمون يدورون في دوامة الحرمان نفسها بلا توقف أو فرصة لإنعاش أوضاعهم . الطامة الكبرى أن مقولة احد كبراء الفلاسفة أن الصواعق لاتصيب إلا القمم لاتنجح في مايتعلق بالفقراء والأثرياء .. فالفقراء هم حطب المشكلات ودفعو ضرائب كل التداعيات السياسية والعسكرية والأمنية في البلاد اما القمم المرهفة فنصيبها المزيد من قطاف الثمار .. فهل من نهاية ممكنة متوقعة وقريبة لنزيف الفقراء ومعاناتهم الطويلة ؟
https://telegram.me/buratha