بقلم/ ضياء المحسن
في بلد يملك من الثروات الطبيعية ما لا يعد ولا يحصى، وميزانية بأرقام فلكية تعدت المائة مليار من الدولارات؛ لايزال ما يقرب من الخمسين في المائة من سكانها يدفعون نصف رواتبهم الشهرية لإيجار سكن متواضع، لم تستطع الحكومة مع كل وعودها للمواطن حل هذه الأزمة.ولا ندري هل أن المشكلة عدم وجود أراضي كافية لتوزع على المواطنين، أم أن وزارة البلديات والدوائر البلدية في المحافظات لا تقوم بعملها بالشكل المطلوب.بنظرة سريعة على خارطة العراق، نرى أن لدينا من الأراضي مايمكن أن يقضي على أزمة السكن ويزيد عليه، ومن ثم فإن حجة عدم وجود اراضي كافية ستسقط من ايدي السادة المسؤولين في الدوائر البلدية ومعهم وزيرهم المحترم " وأنا على إطلاع بعمله الدؤوب"، لم يبقى من سبب إلا أن السلطة التنفيذية تتعمد عدم إصدار تعليماتها لدوائر البلدية في تخصيص الأراضي وترسيمها وتوزيعها للمواطنين المستحقين" حتى ولو ببدل رمزي"، ربما سيخرج علينا مسؤول أخر بحجة أخرى مفادها" عدم إمكانية خدمة هذه المدن الجديدة بخدمات الماء والمجاري والماء الصافي وما يحتاجه المواطن في سكن مريح" ونقول لهؤلاء إن ميزانية مثل ميزانية العراق بإمكانها أن توفر مثل هذه الخدمات لو توافرت النوايا الصادقة لمثل هكذا أعمال تزيح عن كاهل المواطن عبء البحث عن سكن يبعد عنه شبح صاحب السكن وتهديده له بالطرد من سكنه، لكن مثل هذه النوايا لانراها إلا عندما تقترب الإنتخابات البرلمانية.إن هذه المشكلة؛ كما أنها مسؤولية السلطة التنفيذية؛ فإنها أيضا من صلب واجبات السلطة التشريعية، كونها مكلفة بحكم الدستور بمراقبة عمل السلطة التنفيذية وتقييم عملها وتقويمه، ولكن على مايبدو أن أعضاء مجلس النواب" بما فيهم رئيسهم ونوابه" مشغولون بالمناكفات السياسية وعقد الصفقات تاركين المواطن تنهشه الهموم ويتحسر على مافات من عمره وهو يكد ويتعب ولا أحد ينظر لحاله ويرق له، فالسياسيون من أزمة سياسية الى أخرى، ومن سفرة الى خارج البلاد الى سفرة ثانية للراحة والإستجمام بدون أن يطيبوا خاطر المواطن بقانون يصب في مصلحته. سيقول لي قائل، إن الدولة تقوم بمشاريع إستثمارية مع شركات عالمية؛ ومن هذه المشاريع مشروع بسماية، حيث سيوفر 100ألف وحدة سكنية، وبالتالي سيقضي على جزء من أزمة السكن. هذا المشروع (الإستثماري الكبير) يدفع المواطن ربع المبلغ مقدما والحكومة تضمن الباقي، في الوقت الذي تقول فيه كتب الإختصاص أن المستثمر هو (( شخص لديه الإمكانية المالية والمادية لتأسيس مشروع مقابل أن تضمن الحكومة أن يقوم المستثمر بإخراج أمواله وأرباحه بدون مساءلة)) وهو مالم يحدث في مشروع بسماية.لقد أتخمتونا بالمولات أيها السادة المستثمرين، وبالسيارات، ونسيتم أن البعض من المواطنين يلفه الهم لأنه لايستطيع أن يوفر لقمة عيش كريمة لأهله، ولا يستطيع أن يجد سكن كريم لعائلته، بدون ان يحسب حساب لصاحب الدار، فلو إستثمرتم في بناء المصانع التي تقضي على جزء من البطالة، ولو إستثمرتم في بناء المجمعات السكنية لسمعتم من الجميع كلمة عرفان وشكر لكم.ويا حكومتنا الفريدة في تكوينها الغريبة في تصرفاتها، إن المواطن لا يمد يده لتمنوا عليه بما تجودوا من جيوبكم الخاصة وهو ما لن تفعلوه حتى مع إستطاعتكم فهي أرضه وبلده، ومثلما تمنحون أنفسكم وحواشيكم قطع أراضي لستم بحاجة لها فللمواطن حق كذلك، والله المستعان.
https://telegram.me/buratha