في مقال جميل لعادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية المستقيل,يتحدث فيه عن علاقته بالرئيس الطالباني عافاه الله,وصفه ضمن سياق كلامه بأنه كان شنيا,أي سني المذهب محب للشيعة...
بداية ضحكت ,ثم تحسرت, وختامها تأمل طويل أو كما كان يقول والدي رحمه الله (دخت),هل يوجد الآن شنة في العراق!!
عدت بذاكرتي إلى أيام دراستي في هندسة بغداد,ورغم قساوة الظروف حينها من رعب الامن والخوف من البعث وأزلامه والصعوبات المالية بسبب الحصار الاقتصادي ومعاناة أهلنا بل وجهادهم لأجل تمكيننا من إكمال تعليمنا ,إلا أن كل ذلك لم يمنع من وجود أوقات جميلة ورائعة رغم التعب وصعوبة وتعقيد الدراسة بحكم الاختصاص وارتفاع مستوى الأساتذة.
من ذكرياتي الجميلة مع أصدقاء أحبة بعضهم لازال متواصلا معي وبعضهم تربطنا علاقات عائلية وبعضهم نقتنص أخبارهم من هنا وهناك,وكنا مجموعة فيها المسيحي والمسلم الشيعي والسني ,ولكن أقربهم إلي كانا اثنان من الأصدقاء ,كنا معروفين ثلاثتنا بأننا لانفترق أبدا,ومن أطرف المواقف (واراه أجملها الآن) ,وكنت أتكلم عن كرم الدليم المشهور والطريفة المشهورة عن رفض احدهم إطفاء رجال الدفاع المدني داره المحترقة إلا بعد تناولهم الغداء,وكان أكثر الأصدقاء ضحكا هو صديقي علي,فعلق احد الأصدقاء الآخرين قائلا بلهجة بغدادية محببة (عاد فشلة من علي مو دليمي!!),حقيقة تفاجأت قليلا ولكني تداركت الموضوع وقلت إني ذكرتها خصيصا لعلي كون بخيلا جدا ولا يبدو انه دليمي..وضحكنا أكثر من قبل,وقتها عرفت( وكان قد مرة على صداقتنا حوالي سنة ونصف) أن علي هو دليمي وسني المذهب!!!
وبقيت العلاقة على طيبتها وقربها وكان يزورني في النجف الأشرف تكرارا ونذهب معا لزيارة مرقد الإمام علي ع وفي أول زيارة له للمرقد سألني أن كان يجب أن يصلي في البيت كون يتكتف,ضحكت من كل قلبي وقلت له أن كنت تحب ساتكتف معك حتى تصلي براحتك,ولكن صل كما تحب,فصلينا معا أنا مسبل اليدين وهو متكتفهما ولكن لنفس القبلة والرب.
كل هذا مر بخاطري في لحظات سريعة وكأنه فلم سينمائي مسرع وانا أتابع صور الدماء والأشلاء مبعثرة هنا وهناك في مدن العراق الجريح,والحق يقال أن الإرهاب كان عادلا نسبيا فلم يستثني من حقده أحدا,فنال السنة مثلما نال من الشيعة والشيعة ربما أكثر لأنهم أكثر.
ومن الواضح أن هناك من يدفع بالشني لان يكون سنيا فقط وموتورا,يقابله جهد وحقد ومال لإخراج الشيعة من تعقلهم وحكمتهم بالضغط على جراحهم وتعميقها لتحويلهم إلى شيعة غاضبون وتقودهم أقلية حمقاء وردود فعل لاحكمة ولاتعقل فيها وإنما انفعالات هوجاء غير محسوبة ولاعلاقة للمنطق بها.
يكملها فشل حكومي على المستوى الأمني يكاد يكون كارثيا وشاملا,وعلى المستوى الخدمي والاقتصادي والاجتماعي وعلى كل المستويات,ويدعمه ويؤججه ظلم فردي وقع على الشيعة قبل السنة,ويغذيه استجابة متكاسلة أو مترددة لمطالب المظلومين من الشيعة قبل السنة ولكن هناك من سيسه ليجعله وكأنه تجاهل لمطالب متظاهرين لأنهم من السنة,وتلحق بها أفعال قذرة تحاول أن تشعل النار بعمليات خطف وقتل طائفي وقطع طرق تذكرنا بأيام جاهلية ماقبل الإسلام ويمكن أن تحسها منظمة ومدعومة دوليا, حتى يكاد الوضع يتفجر من الغليان,فالناس تتملكهم العواطف والغضب الأهوج,فان انفلت الوضع لاسامح الله لن يسلم طرف من الأذى الشديد..فأين نحن الآن! والى أين ذاهبون؟
وأين الحكومة ودورها في بسط الامن!لما أبعدت الشعب رجل الامن الأول عن التواصل معها!ولما هذا الفشل المتكرر حتى لم يعد من عذر!ولم يعد يجرؤ احد من شخوصها ليقول الحقيقة لنا!
وأين عقلا القوم وأين الحكماء! وأين شيوخ العشائر! وأين سطوتهم وجاهتهم! وهل من المنطقي التغاضي عن كل هذا الإجرام والخطف والقتل الطائفي!
أين الشنة!!!
https://telegram.me/buratha