هادي ندا المالكي
الجاسوس هو الشخص الذي يعمل في الخفاء أو تحت شعار كاذب ليحصل على معلومات مهمة "عسكرية وغير عسكرية" لدولة بهدف إيصالها لدولة أخرى،وهؤلاء الجواسيس يعملون في وقت الحرب والسلم من اجل الحصول على معلومات لتعزيز جبهة الدولة التي يتجسسون لحسابها وبقصد إشاعة الفوضى والاضطراب في الدولة المتجسس عليها،والتجسس حالة قديمة وهي ليست وليدة التاريخ الحديث.ولا بد من الإشارة الى ان طرحي للموضوع ليس بقصد تشجيع التجسس في العراق معاذ الله وان كان العراق منخورا بالجواسيس من هامته الى اخمصه وإنما أردت ان اشخص حالة مهمة تتعلق بضعف الجانب ألاستخباري في العراق وما يسببه هذا الضعف من اختراقات يومية وكبيرة يدفع ثمنها أبناء الشعب العراقي.أعود الى التجسس الذي هو علم قائم بذاته تمارسه جميع الدول ضد جميع الدول بمعنى انه لا توجد دولة لا تتجسس على الدول الأخرى الا العراق فانه خرق العادة لان لجميع الدول جواسيس في العراق لكن لا يوجد جاسوس واحد يعمل للعراق في هذه الدول وهذه ليست منقبة باي حال من الأحوال.ويوميا تطالعنا وسائل الأعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بأخبار الجواسيس والتجسس والأساليب التي يتبعونها والطرق الجهنمية التي يسيرون عليها وطريقة كشفهم وإلقاء القبض عليهم وعرض اعترافاتهم لتكون حجة على الدولة "الجاسوسة" وتتزايد اخبار الجواسيس عادة في مناطق التنافس والصراع لهذا فان حرب التجسس قائمة على قدم وساق بين امريكا وروسيا وبين السعودية ودول الخليج من جهة وإيران من جهة اخرى وبين اسرائيل والعرب بصورة عامة وبينها وبين مصر بصورة خاصة وان كان التجسس في اسرائيل مفردة طبيعية مثلها مثل الاكل والشرب والزواج والطلاق ولا تسلم منه حتى امريكا وليس صديقتها الجميلة تركيا.والتجسس يمثل مدخلا مهما من مداخل الفن والعلم ولي الأذرع لهذا تبرع بعض الدول والأفراد بالتجسس وبالحد منه على حد سواء وهذا الابداع لم ياتي من فراغ او بضربة حظ انما جاء عن علم ومعرفة ودراية تتبعها الدول من خلال تشكيلها لجاز مخابرات قوي ومحترف يتولى تجنيد الجواسيس ويتحمل مسؤولية كشفهم في الاتجاه الاخر،ونحن في العراق لدينا جهاز مخابرات بجيش جرار وموازنات مالية هائلة تم تأسيسه على وفق نظرية التوازن والمحاصصة لذا فان مسؤول الجهاز من اتباع المالكي ونائبيه من الكردستاني ومن العراقية،هذا الجهاز نسمع به ولا نجد له اي اثر في زحمة انفجار المفخخات اليومية والهجمات الإرهابية وغزوات أصحاب الكواتم على الطرق السريعة وفي الشوارع واختطاف الأطفال والنساء والعصابات المنظمة والعشوائية وانتشار المليشيا والمنظمات الوهمية والواجهات السياسية والدينية والفكرية.ان من الخطأ التسليم بوجود جهاز مخابرات حقيقي في العراق بقدر ما هو جهاز متهرئ وبائس وفاشل بدليل ضعفه وعدم قدرته على كشف المهازل اليومية التي تحدث في العراق ومسالة كشفها او توجيه ضربات استباقية لها ليس مسالة صعبة او مستحيلة وجريا على هذا التقييم فان جهاز المخابرات الغير قادر على وقف العمليات الاجرامية او تحجيمها لن يكون باستطاعته كشف الجواسيس في العراق رغم انهم اكثر من نفوس ابناء الشعب العراقي. ان واقع الجانب الاستخباري في العراق يحتاج الى وقفة حقيقية لاعادة الروح اليه بعد حالة التداعي والانهيار التي وصل اليها وهذه الوقفة لا بد ان تبدا اليوم قبل الغد وبطريقة تعتمد على معايير المهنية والاخلاص والنزاهة والكفاءة ليس من اجل كشف الجواسيس فحسب بل من اجل وقف التداعي الامني الخطير الذي يمثل الجانب الاستخباري ركنا مهما من اركان القضاء عليه ووقفه عن التمدد.
https://telegram.me/buratha