في خطوة عدّها مؤيدوه من الفتوحات العظيمة ،وكل خطواته يعدونها كذلك دعا السيد رئيس الوزراء (نوري المالكي) إلى إقامة صلاة موحدة قائلا بالنص "إن الذين يستهدفون المساجد هم أعداء السنة والشيعة على حد سواء ويخططون لإشعال الفتنة وهو مخطط قديم يراد إحياءه ، وأناشد علماء الدين الأفاضل الى القيام بواجبهم بنبذ الطائفية والفرقة والدعوة الى وحدة الصف ، ونؤكد ان توجيهاتنا الى الأجهزة الأمنية بحماية جميع المساجد ودور العبادة واضحة ومشددة ، ولا تساهل مع أي تقصير في هذا المجال.
وأود أن أوضح هنا أن الصلاة الموحدة يفهم منها انها تجمع العراقيين من السنة والشيعة وهذا ما نتمناه ، فالصلاة الموحدة الحقيقية يجب ان تجمع المسلمين بكل طوائفهم في مسجد واحد ، وأنا أدعو إلى إقمة صلاة موحدة بهذا الشكل في أحد مساجد بغداد الكبيرة وتستمر بصورة دائمة كل يوم دائمة كل يوم جمعة" وبالفعل أقيمت الجمعة 24/5/2013هذه الصلاة التي دعا إليها رئيس مجلس الوزراء في مكان وإن كان محل ترحيب بعض المعلقين عادين إياه نبذاً للطائفية ،وفي الحقيقة أنا أرى وأجد فيه مفارقة إن لم أقل نفاقا سياسيا وبامتياز،فالصلاة أقيمت على أرض نصب الشهيد ،وهذا النصب كما هو معروف أن صدام حسين كان رعى إنشاء هذا النصب ،مع نصب الجندي المجهول وقد حضر عدة اجتماعات مع المتخصصين في هذا المجال ،ووجه النفاق أو المفارقة ،أن هذا النصب أقيم أثناء الحرب التي شنها صدام حسين ضد إيران التي استمرت ثمان سنوات .وقد أقيم أيضا نصب آخر يمثل الأسرى العراقيين في إيران أزيل بعد احتلال العراق من قبل أمريكا وبقرار من هيئة اجتثاث البعث لأنه يمثل حقبة صدام حسين،والسؤال لماذا تم إزالة ذاك النصب ، ويتحول النصب الذي بني ليمجد الجندي الذي قتل أو استشهد في الحرب العراقية – الإيرانية وباختيار صدام حسين إلى مكان مقدس وكذلك إلى مكان تزول فيه الفوارق المذهبية والطائفية ،والنفاق هنا صفة تنطبق على من اختار المكان وحوله إلى مسجد،أما صورة النفاق الأخرى أو قل المفارقة كانت تتمثل في حضور رئيس الوقف السني ورئيس الوقف الشيعي ،ولطالما اختلف الوقفان على عائدية الكثير من الوقفيات الإسلامية وبعض المشاريع كمشروع توسعة الروضة العسكرية في سامراء والتي وقف ضدها رئيس الوقف السني بكل قوة وكان هذا الموقف والمشروع أحد أسباب الاحتقان الطائفي إلى أن تدخل رئيس الوزراء وأجل المشروع بعد أن جمع الرجلين في مكتبه ،فهل يطمئن المراقب فضلا عن الفرد الاعتيادي إلى الصورة التي جمعت الطرفين اليوم دون أن يسترجع تلك المواقف.أما سبب الدعوة إلى إقامة الصلاة الموحدة ،فكما قال رئيس الوزراء أن من يستهدف المساجد هم أعداء للسنة والشيعة ،كما أنهم يخططون لإشعال الفتنة ،وقال أنه مخطط قديم .ترى هل أن الموجة الأخيرة التي استهدفت المساجد والحسينيات ،هي السبب في إذكاء الفتنة المتوقعة أم هي نتيجة ،علماً هناك حقيقة تقول أن أي حدث ليس ابن ساعته أو يومه ،بل لابد من مقدمات له ،ولابد من أسباب حقيقية تفرزه إلى الساحة ،ومن هنا نؤكد أن موجة التفجيرات التي حدثت للمساجد ما هي إلا نتيجة وصورة من صور الفتنة المذهبية والطائفية وليس مقدمة ،فالمقدمة والمقدمات لهذه الأحداث كانت متسيدة للمشهد السياسي العراقي أو المسرح السياسي العراقي ،وأبطاله فريقي السلطة ومن يدعون أنفسهم بالمعارضة (السنية) على وجه التحديد المشاركين في السلطة ،والمعارضين لها يؤججون الشارع السني كنوع من النفاق السياسي الفاضح والمفضوح هو الآخر ،ويضم فريق السلطة ،وفريق (النصف معارضة والنصف حكومة من السنة) أبطال تسيدوا المشهد السياسي والإعلامي ومارسوا دورهم المرسوم لهم بكل دقة وإتقان في تهييج الشارع الشيعي والسني مذهبيا ،فعلى مدى عام ويزيد بدأنا نسمع الصف الشيعي الذي شقه طرف من أطراف التحالف الوطني (التيار الصدري بالتحديد) لمجرد أنه اتفق على أن الوضع السياسي القائم بحاجة إلى إصلاحات وشاركه الرأي هذا كل من التحالف الكردستاني وائتلاف العراقية وهما ركنان أساسيان من أركان اتفاقية أربيل التي شكلت الحكومة الحالية بموجبها مع السيد نوري المالكي .في المقابل كانت نغمة التهميش للسنة تتصاعد وبشكل ممنهج يقوده وبصورة فاضحة وواضحة رئيس (البرلمان) العراقي ومن عواصم القرار في الشأن العراقي لاسيما واشنطن ليزيد من عملية الشحن والتصريح المذهبي المتقابل بين نواب ونائبات الأزمة في الطرفين ،وصولا إلى اشتعال ما يسمى (التظاهرات) في المناطق السنية والتي كتبنا عنها عدة مقالات أثبتنا فيها بأنها لا تمت بصلة بالتظاهرات لا من قريب ولا من بعيد إنما هي تهيئة المسرح العراقي من جديد لمعارك مذهبية وطائفية قد تكون أشد مما حدث بعد تفجير القبتين في سامراء عام 2006لاسيما ترافقت مع حرب طاحنة (مذهبية عالمية) سنية – شيعية من جانب المسلمين وأيضا وإن لم تكن مرئية صراع طائفي مسيحي – مسيحي (الارثوذودوكس من الجانب الروسي) في مواجهة (المسيحية البروتستانتية – الكاثوليكية ).وبتصاعد الهجمات في العراق ودخول بعض المجاميع (الشيعية) على خط التهديدات (للسنة) ،وبوصول تداعيات الحرب العالمية المذهبية في سوريا إلى أرض بصورة مباشرة لاسيما بعد مشاركة الكثير من الشباب الشيعي العراقي في هذه الحرب (لحماية مرقد السيدة زينب بنت الإمام علي ؛عليهما السلام) في سوريا ،ولإبعاد المسؤولية المباشرة في الصدام الحتمي الذي شعر السيد المالكي بأنه حاصل في العراق ،جاءت دعوته هذه المتأخرة جداً لهذه الصلاة التي لم يحضرها ،ربما لمعرفته لعدم جدواها في ظل ظرف قد تخندق كل طرف بموقعه ينتظر الفرصة المؤاتية للهجوم .فهو بطلبه الصلاة الموحدة خطوة إعلامية أكثر مما هي سياسية واجتماعية ،فتوحيد المواقف ليس بصلاة موحدة ،يراد منها تبرئة الجانب مما يحدث وسيحدث ،إنما تتطلب خطوات جبارة لنزع فتيل الأزمة الذي بدأ بمرحلة الانطلاق الكبرى .
12/5/13525
https://telegram.me/buratha