المهندسة ليلى الخفاجي
تذكر لنا الكتب رواية عن رجل مرَ على قوم يتغدون ، فقال لهم: السلام عليكم أيها البخلاء!!
قالوا: ومن أين عرفت أننا بخلاء ؟
قال: كذبوني ولو بلقمة !!!!
اليوم هناك الكثير من السياسيين العراقيين ممن يلقي اللوم على الآخر في ان خطابه التصعيدي وتعنته هو السبب في الازمة الراهنة, والتي بسببها تحصد العشرات بل المئات من الارواح البريئة. وفي خضم كل السجالات والمماحكات الدائرة بين اطراف النزاع, وفي غمرة التصعيد الاعلامي, وتبادل الاتهامات بين السلطة التشريعية والتنفيذية, يتلفت ذوو الضحايا من العراقيين يمنة ويسرة علَهم يجدون المخرج واليد التي تنتشلهم من واقع اقل ما يقال عنه, انهم امام هجمة شرسة تريد ان تنهش الجسد العراقي بكل تلاوينه واطيافه, هجمة لاتريد اسقاط حكومة, او استهداف مكون بعينه, وانما هدفها الاكبر هو تدمير الوطن برمته, وانهيار الدولة التي تناخى لبناءها الاخيار والصلحاء وفي مقدمتهم المرجعية الدينية العليا , وضمِخت بناءاتها بدماء الشهداء من العلماء ومنهم شهيد المحراب قدس.
ان القراءة الصحيحة لكل ما يحدث من استهدافات خلال الشهرين الماضيين يدل بما لايقبل الشك بان هناك قرارا اتُخذ لتوفير المناخات للحرب الطائفية, والتي تُنتج تقسيم العراق لاحقاً بعد ان يتكبد العراقيون الخسائر الفادحة معنوياً ومادياً.وهنا ياتي التساؤل من المواطنِ الاعزل وهو وجلٌ حيرانٌ متوجسٌ مما يجري - يريد ان يراهن على قياداته ولكن كيف؟ وهو يرى التناحر والتنافر والقطيعة .
وفي ظلِ ذلك انطلقت دعوة ومبادرة ولِدت من نهجِ عليٍ, فكما ولِد عليٌ في الكعبة فان مبادرة السيد عمار انطلقت في ذكرى تلك الولادة المعجزة, وذلك المنهج - قالها بصوتٍ عالٍ: ان العراقيين اليوم احوج ما يكونون الى (( موقف وكلمة للتاريخ )) - الجميع مطالب بذلك بلا استثناء.
انها الدعوة الى اجتماع رمزي - لكل القيادات من كل القوى السياسية بكل مكوناتها وتلاوينها - ولكن لماذا؟
انها دعوة لاجتماع رمزي لطمأنة الشارع - نعم ان شراسةَ الهجمة, وتعاظم الخطر, يجعل الحاجة ملحة الى اجتماع رمزي على اقل تقدير, من اجل الانحناء امام الدماء البريئة الزكية - ان الاجتماع وان تعذر ان يتم من خلاله طرح الاشكاليات وحل الخلافات, ولكنه سيطلق رسالة للشارع من قيادات البلد وممثلي الاحزاب والمكونات والاديان والطوائف بان خلافاتهم مهما كبرت فانها تتصاغر امام تضحيات الشعب ومحنته التي يمر بها.
ان مجرد رؤية الشارع العراقي لهؤلاء القادة مجتمعين سيخفف من حدة مخاوفهم مما يحدق بهم من شر, ويحاك ضدهم من مؤامرات - انه يشعرهم بالامل في ايجاد الحل للخلافات ولو بعد حين, انه يشعرهم ان مازال هناك حرص على مصالحهم العليا, وان تلك القيادات تتناسى الخلافات من اجلهم ومن اجل وحدة العراق وشعبه , يشعرهم بان هناك ارادة للحل والوقوف امام الخطر المحدق بالعراق - خصوصا ان اتبع الاجتماع الرسمي صدور بيان او ميثاق شرف يتفق على فقرات محددة فيه ضد الارهاب والطائفية ونبذ من يعتاش على سفك الدم العراقي.
نعم ان الادانات لاتكفي بل لقد اشمئز منها الشارع العراقي وهو يرى التناحر والتنافر ويشعر بان ما يصيبه هو ضريبة يدفعها غالية بسبب التصعيد الاعلامي والتناحر بين الاطراف المتنازعة, وعليه لابد من استجابة لمبادرة ولاجتماع وان كان رمزيا ليطمئن الشارع بان هناك ارادة للوقوف امام ما يواجهه من اخطار وان هناك رغبة لتقديم التنازلات من جميع الاطراف حفاظا على المصلحة الوطنية العليا ومن اجل اسقاط المراهنات على تقسيم الوطن وتشتيت المواطن - فهل سيستجيب السياسيون؟ انهم امام اختبار وكأني بالمواطن ينتظر استجابتهم ولسان حاله يقول: كذبوني ولو باجتماع رمزي !!!! كذبوني ولو بلقمة !!!!!!!
https://telegram.me/buratha