خميس البدر
ربما لا اكون قاسيا لو قلت ان كثرة المبادرات في الساحة العراقية والبحث في الازمة السياسية المتاصلة والمتجذرة والمتشعبة تدل على عمق تلك الازمة او بعبارة اخرى تؤكد قلة الحلول ان لم نقل انعدامها وتلاشيها خاصة مع وصول الامر الى محاولة رسم صورة الانقسام الجاري بين المصالح ووجهات النظر الى خلاف بين شخصين تطور الى امر غريب وممل ليختصر بين جهتين وسلطتين هما اكبر سلطتين منتخبتين في البلاد وما تمثلانه من جوهر أي عملية انتخابية او (ديمقراطية ) السلطة التنفيذية الحكومه (المالكي ) والسلطة التشريعية البرلمان (النجيفي ) ومهما حاول الطرفان ان يبدوان اكثر وطنية من غيرهما او انهما اكثر ولاء لطائفتيهما حتى انهما حاولا اختصار تلك المسميات برأيهما ومواقفهما وبات القرب من الطائفة او الوطنية هو مدى الاقتراب من ادائهما او مصالحهما ولا ننسى طبعا من دار في فلك من ومن سايرهما كذلك لانستطيع ان نتجاهل ما يحدث في كردستان وان كان غير ظاهرا بشكل قوي الا انه لايختلف كثيرا او بعيدا عن هذا التوجه من حيث ارتباط الكردية ب(البارزاني)...... ان المبادرات التي اطلقت من كافة الشخصيات والاتجاهات ما جاءت بحسن النوايا والبعض الاخر لاسقاط الواجب وبعضها ولد ميتا والاخر جاء كازمة او كمن ( يصب الزيت فوق النار) ونوع لم يقترب من المشكلة وانواع كانت لاتذكر ولا تستحق ان ترقى الى مبادرة كونها من نفس مفتعلي الازمة او من اطرافها.....المبادرة بما هي مبادرة يجب ان تطرح على ارضية صلبة كي تحقق اهدافها ويجب ان ترسم معالم الازمة وتختط مراحل الحلول وافاق الحل ويجب ان تجد مقبولية او استجابة حتى لو كانت غير مستوفية للشروط او كانت متكاملة فشرطها ان تجد في المرحلة الاولى في البداية مقبولية واستجابة من الاطراف المختلفة ....الان يمكن ان نعود الى كل المبادرات التي طرحت وان كانت كما اسلفنا (متناقضة او بعيدة او ولدت ميته) ثم نستطيع ان نتحدث عن ابرزها وهي ما طرحه ويطرحه السيد عمار الحكيم من مبادرات المتكررة (وهي بالحقيقة مبادرة واحدة وتتحدث عن نقطة واحدة )....كل المبادرات بما فيها مبادرة الرئيس جلال طالباني (شافاه الله)كانت تتحدث عن لقاء وطني عائم او غير واضح المعالم او تتحدث عن مناقشة امور تحت الطاولة او نصفها فوق الطاولة او مبادرة مفاوضات وتجاذبات وتوافقات واتفاقيات مشروطة او تلوح بكشف المستور او تاتي بالضغط وهذا ما يجعلها بعيدة عن الحلول او ميته او غير مفيدة او غير واقعية لانها ستفقد الاجماع تارة او يشم منها ويفهم منها بانها تقصي طرف او يراد منها كسب وقت او امتيازات اضافية بغير حق او استغلال ظروف الطرف الاخر وكلها تغلف بغلاف الوطنية والمصلحة العامة او الطائفة او اخراج البلد من الازمة ...اما ما يلاحظ على مبادرات او دعوات او مناشدات او مبادرة السيد عمار الحكيم فانها ركزت من البداية على صلب الموضوع واساس المشكلة وطريقة الحل اساس المشكلة الاقصاء والانفراد ومحاولة اقتصار الكل برأي الواحد والفوز بامتيازات اكبر من الحجم الحقيقي لكل طرف او التطرف في الحقوق وعدم التنازل للاخر وانكار وجوده في بعض الاحيان .....ان الازمة تكمن من خلال محاولة كل طرف استقطاب مؤسسات الدولة باتجاهه بطريقة المشاركة في الحكومة وثانيا تربص كل طرف بالاخر أي غياب الثقة ثالثا نكث الوعود وعدم الالتزام بها لسبب بسيط ان كل طرف اعطى خيال او ما لايملك وما لايستطيع او (وهب الملك ما لايملك ) من خلال اصطدامها بالدستور ومخالفة القوانين والثوابت الوطنية وهنا لانستطيع الا ان ننكر على الطرفين او كل الاطراف التي تتفق وان كان اللوم الاكبر على من ينكث العهد لكن الطرف الاخر تجاوز ومنى النفس بالباطل وباخذ ما لايستحق بحجة التفاوض والسياسية والفطنة والذكاء وانتهاز الفرص ...... وهنا تاتي قيمة موقف السيد الحكيم والمجلس الاعلى بعدم المشاركة في الازمة (لن نكون شهود زور ).....اما الحل فهو الجلوس على طاولة مستديرة بالتساوي وبلا تفاضل وان تطرح كل المشاكل على الطاولة وتحت الانوار الكاشفة وان ياخذ كل صاحب حقه بلا اقصاء ولا تهميش وبسيادة روح الثقة واجواء النقاء والصفاء والمحبة والاخوة في الوطن بما ينطبق مع الدستور وحسب الوجود الحقيقي وما يستحقه كل طرف ...وهذه ليست مثالية بل واقعية مع ما هو موجود من مشاكل وازمة وصل حد الخيال وتعدى الخرافة ...الغريب ان مبادرات السيد الحكيم تجد ترحيب في كل مرة ومقبولية واعتراف بانها الحل الامثل لكن في النهاية لاتتحقق والاغرب ان الكل يسارع لقبولها والاعتراف بها وانه مستعد للعمل بها .....وهذا يرجع لشخصية السيد عمار الحكيم وعقلانيته ومقبوليته وثقله السياسي ولانه لم يكن طرف في الازمة اضافة الى طبيعة الطرح والذي يعترف به الجميع .......فما نحتاجه هو ليس الترحيب بل التطبيق والاسراع في تفعيل المبادرة مادام الجميع وصل الى طريق مسدود وما دام الجميع يعترف بانها الحل الوحيد والامثل فلماذا تريدون ان توصلوا البلاد الى النهاية الماساوية وتغليف تلك النهاية بالاحتراب والاقتتال ...ان الشعب ينتظر والقناعة تزداد يوما بعد يوم بان لاحلول ولا استقرار ولا انهاء لازمة الا بالرجوع الى الواقعية والاعتراف من الجميع بالاخطاء والانصات لصوت المصلحة الحقيقية ونداء الوطن والشعب وهذا ما طرحه الحكيم وما نراه في ورؤى الحكيم وما تجسده مبادرة الحكيم .....
https://telegram.me/buratha