عندما كنا صغارا ونختلف مع بعضنا الآخر على أمور سخيفة كما نراها الآن ولكنها في حينها كانت تمس الكرامة وتعتبر محلا لإثبات الوجود!!...وكل الموضوع أما يخص طائرة ورقية قام صديقي بقصها وذهبت أدراج الرياح لان خيطه كان أكثر((تشيشا )) من خيطي..أو لأنه اكتسب مني بعض الكرات الملونة ((الدعابل))...أو لان فريقه هزم فريقنا في الكرة وكانت النتيجة 17-25 لفريقه وكأننا نلعب السلة وليس كرة القدم!!..المهم أن الأمور تعود لمجاريها لوحدها بعد يوم أو يومين لنعود كما كنا نلعب سويا ....
ولكن الجميل في خصوماتنا حينها..أو الزعل كما كنا نسميه..هو أننا كنا نكتفي بعدم التكلم مع بعضنا...الصمت فقط....زعل صامت..لا يضر أحدا ولا يشترك فيه احد من أصدقائنا المشتركين أو غيرهم..أو حتى أهلنا..بل وكنا أن تخاصم من نحن في خصام معه ,مع شخص آخر كنا نقف معه ونسانده من دون أن نكلمه....كانت خصومة جميلة..نبيله رغم أننا كنا صغارا لا نعرف معنى النبل والخصومة الشريفة....
تذكرت كل ذلك هذه الأيام وأنا أشاهد الموقف بين السيد المالكي والسيد النجيفي والتصعيد المستمر...وما يقوم به مناصرو كل طرف من المتزلفين والمستفيدين والمرتبطين...أو كما يسميهم العراقيون ..المتملطخين بدم المجاتيل...أو حبال المضيف...أو مناكيش النار....فينبري كل منهم باعتباره بوقا أو وطنيا أكثر من الوطنيين..بسب وشتم الطرف الآخر وإظهاره وكأنه هو الشر بعينه..بل هو إبليس نفسه...ونسي انه هو نفسه من مدحه يوما ما واعتبره شريكا وأخا ومناضلا ومجاهدا وصديقا ورفيق درب..وما لا يحصى من الصفات والمدائح!!!..وكذا الطرف الآخر!!
ولكن الأغرب والأخطر في الموضوع هو محاولة بعض هذه الأبواق جر وتجيش الجمهور والشارع وإشراكه في اللعبة,وإدخال ورقة الطائفية ومحاولة أظهار كل طرف نفسه وكأنه حامي المذهب وناصره والمدافع عنه...حتى أوصلوا الأمور إلى حد زرع الخوف لدى الناس ومن مختلف الاتجاهات والمذاهب بعودة أيام سود..دفعها الله بلطفه ورحمته بيد ثلة خيرة,دفعنا ثمنها باهضا جدا من دماء عراقية بريئة سالت من غير ذنب أو هدف.
هل فكر هؤلاء حقا بما يفعلون...وهل يظنون أن خلق هكذا أزمات يمكن أن يعتبر أسلوبا سياسيا فعالا في الهروب من الأزمات إلى الأمام بخلق أزمات أخرى؟؟
أن هذه ليست أزمة تختلق..بل هو لعب بالنار...ومعروفة نتائجه لو استمر على هذا الحال والمنوال.
افهموا اللعبة الإقليمية وما يخطط لزجنا فيه...
إن كان ما يفعلوه هدفه الإثارة السياسية فما هكذا الإثارة السياسية,وان كان هدفه كسب التأييد على صعيد الجمهور المحلي للسياسي,فليس بهذه الطريقة الرخيصة يكسب التأييد...
وان كانت خصومة شخصية..فابعدوا العراق واذهبوا حيث شئتم وصفوا حساباتكم..لا على حساب دمائنا وأمننا وحياتنا
افيقوا ويلكم ..افيقوا...
https://telegram.me/buratha