عدنان السباهي
إن حب الوطن صفة يتصف بها الإنسان والحيوان فالطير الذي يصطاده الصياد ويضعه في قفص ويضع له في قفصه أنواع الطعام والذي يحصل عليه من دون معاناة ، لكن بمجرد أن يفك قيوده سيعود إلى موطنه الأصلي ، والحيوانات البرية التي يتم اصطيادها وبعد فترة يتم إطلاق سراحها فتعود إلى صحرائها، والإنسان بدوره يحب وطنه فالوطن الأرض التي عاش عليها وفيها الإباء والأمهات لعدة قرون وقضوا عليها ، عمروها وقاتلوا الأعداء والمعتدين وقدموا دماءهم لصونها وسالت عليها لتروي ترابها، ونحن بدورنا شربنا ماءها وأكلنا من ثمار أشجارها وترعرعنا في ربواتها، فكيف لايحب الإنسان هذا المكان المقدس، والعراق بلد عريق بتاريخه المشرف ففي كل زاوية من زوايا الوطن آثار الآباء العظام وما قاموا به من مآثر وملاحم البطولة والخدمات التي قدموها لجميع سكان العالم ونرفع رؤوسنا عاليا عندما نتذكر انجازاتهم والأجدر بنا أن نحفظ استقلال الوطن وعزته وتقدمه بأرواحنا وما قاله نبي الإسلام(ص):(حب الوطن من الإيمان)خير دليل على ذلك.إن جذور الطائفية ناتجة من التمييز الطائفي والسياسي والاجتماعي والعقائدي، وان أكثر الحروب والصراعات تحدث بسبب التعصب الديني والعرقي وهي آفة تدمر الشعوب،فحينما ينحرف الإنسان عن معايير العقلانية وهي العدالة والمشاعر الإنسانية الرقيقة، يرتكب الفظائع ويصبح متوحشا ومعدوم الأخلاق ،فالأزمة في العراق مستمرة على مدى قرون يعاني من تمييز طائفي وعرقي لايستطيع البعض التخلص منه وأحيانا لايقبل بهذا ويخدع نفسه والآخرين بان المجتمع موحد والأزمة تكبر إلى أن تنفجر، فيعيش المجتمع حالة التمزق وفقدان الهوية الوطنية والشعور بالانتماء ويعرض المجتمع إلى التشرذم والتمزق وتمذهب الدولة ، والخطاب السياسي من البعض وبعض رجال الدين غير المتزنين بصب الزيت على النار لتصعيد الخلاف الذي استفاد منه الحكام على مختلف العصور والأزمان وان الطائفية نزعة سياسية وليس لها أي سند عقائدي ديني، فالسنة يطلقون على الشيعة الروافض لأنهم رفضوا الصحابة والشيعة يصفون السنة بالنواصب باعتبار أنهم ناصبوا العداء لأهل البيت ، فالصراع بين السنة والشيعة قائم على الفعل ورد الفعل ففي التاريخ العباسي وحين قام المتوكل بمنع زيارة الإمام الحسين(ع) جعل من الشيعة يميلون لزيارته أكثر بكثير من باقي أئمة الشيعة، وان أبو حنيفة الذي يتبعه اغلب السنة كان غير راض عن العباسيين والأمويين وهو كان من المؤيدين للثورات الشيعية ضدهم، هذا التاريخ يجب أن يدرس ويناقش علميا وحسب الأدلة العقلانية بعيدا عن التعصب .تبادل الاتهامات بين الجهات السياسية وكل جهة تدعي إنها المدافعة عن طائفتها، وإطلاق شعار العربان (أنا ومن بعدي الطوفان) وان العملية السياسة سوف تنهار ويحدث الخراب والدمار فيتم التصريح بشعارات طائفية تدفع الطرف المقابل والوضع للاحتقان، فيتم احتضان القاعدة من الطرف السني لرد الشيعة فتحرق المدن وتقتل الأبرياء وهم في الأماكن العامة بحيث لايمضي أسبوع من دون انفجارات ودماء تسيل ، وبالمقابل ينجر الطائفيون ومن يستفاد من القتل لتصفية حسابات سياسية وعشائرية وحتى تنافس على أعمال ومقاولات استثمارية ، فيتم قتل السني الفلاح الذي جلب زرعه ليبيعه في المدن من الطائفة الأخرى ويقتل المسافر للأردن لأنه من الطائفة المغايرة والمشكلة في ساعة القتل لايستطيع المواطن الصالح التدخل لمنع الجريمة لأنه عندما يتدخل ربما يقتل أو يتهم بالخيانة وكان القتل الطائفي أصبح جهادا وفيه خدمة للوطن!!، وهذا ما زرعه الطائفيون واليوم نحصد القتل الطائفي وإعادة الحرب التي حدثت في 2006 والتي فقدت خلالها الحكومة هيبتها وراح الآلاف ضحيتها فالنار سوف تحرق الجميع بما فيهم من يضرمها الذي لابد وان يناله لهيبها، لذلك ينبغي من القوات الأمنية والقضاء بإصدار الإحكام بدون خوف ضد القتلة والمجرمين، وعلى الدولة حصر السلاح بيد الدولة وفضح كل السياسيين الذين يتعاملون مع الخارج وينفذون جرائم القتل داخل العراق وترك المجاملات السياسية، وعلى أهل العقل والثقل الجماهيري بتلبية الدعوة التي يطلقها الخيرين بعقد مؤتمر وطني لحقن الدم العراقي ومواجهة دعاة الإرهاب والقتل وتجريمهم ، والحوار وترك التصريحات الطائفية وعزل أصحابها، وإشاعة السلم الأهلي والعيش تحت خيمة الوطن بدل ظل الطائفة.
https://telegram.me/buratha