زيد الحلو
اردت ان ابدء مقالي بهذه القصة الجميلة لكنها ذات عبرة وموعظة كبيرة والتي يكون الكثيرين قد قرؤها في المرحلة الابتدائية او انصتوا لها ليلاً اثناء تجمع العائلة ايام زمان ..... من الأب او الجد او الجدة , تقول القصة في احد الأيام ان حكيما قد جمع اولاده ليعلمهم درساً من دروس الحياة وقال لهم أتوني بحزمة من الحطب فلما أتوا بالحطب اعطى كل واحد منهم عوداُ من الحطب وقال لهم اكسروا هذه الاعواد منفردين فكسروها بسهولة ثم بعد ذلك جمع الاعواد جميعاً وجعلها في حزمة واحدة وطلب من كل واحد ان يقوم بكسرها مجتمعة الا انهم بعد جهد كبير لم يستطيعوا كسرها , فقال لهم الاب الحكيم اتعلمون لماذا استطعتم ان تكسروا الاخشاب منفردة ولم تقدروا عليها مجتمعة ؟ فاجاب ان في الاتحاد قوة وفي التفرقة ضعف . أردت من سرد هذه القصة القول كما قال الحكيم لولده في الاتحاد والتعاون قوة وفي التفرقة والتناحر ضعف ولن يقوم بناء اي وطن أو أي أمة الا بتلاحم وتظافر جهود ابنائها وترابطهم وهذا الامر ليس بدعة وانما هو من اساسيات الدين السماوي الحقيقي , الدين الذي يجمع ولا يفرق , يبني ولا يهدم فيقول الله عزوجل في كتابه المجيد ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا) . ونحن نعيش هذه المرحلة الخطيرة في بلدنا من ازدياد وتيرة العمليات الارهابية في العاصمة بغداد وبعض المحافظات مما يشير بوضوح بوجود اجندات داخلية او خارجية تسعى الى أثارة الفتن الطائفية بين العراقيين وتكرار مشاهد عامي 2005 و 2006 الدامية بسبب المسيرة الحافلة بالأزمات والتصرفات السياسية الخاطئة من قادة الحكم وتصفية حسابات شخصية وطائفية ومذهبية وقومية وتسقيط البعض للبعض الآخر من اجل مكاسب شخصية وهذا كله على حساب المواطن الذي لايملك قوت يومه , فمن هذا المنطلق ومنذ بدء تلك الازمات بعد ما افرزته الانتخابات البرلمانية الاخيرة وما رافقتها من مشاكل في تشكيل الحكومة المركزية وتهميش بعض الكتل التي حصلت على عدد لايستهان به من المقاعد وتم نقلها للشارع العراقي , ظهرت على الساحة السياسية مبادرات من بعض العقلاء او الحكماء من قادة التيارات المعروفة بمواقفها المعتدلة بضرورة بضرورة الجلوس لطاولة الحوار والتشاور لتبادل وتقريب وجهات النظر ولم الشمل للوصول الى حلول من شأنها اخراج هذا البلد وشعبه من الواقع المزري الذي يعيشه بسبب اخطاء البعض كما اسلفت , واسماها السيد عمار الحكيم وهو من اطلقها بالطاولة المستديرة لتسع جميع الاطراف واساس فكرتها حتى لايصل الوضع الى ماهو عليه آنذاك , ولم تكن غايته مكسبا او منصبا في الحكومة التنفيذية او التشريعية بقدر ما كان واجب بالأضافة لكونه وطنيا كان دينيا بأعتباره من الملتزمين بأوامر المرجعية الدينية وليكن اساسا لبناء مرحلة تكون انطلاقا لخدمة المواطن . ففي بداية الامر لم تكن مستساغة ومقبولة من بعض قادة الكتل والاحزاب السياسية والسبب تارة لأنها جاءت من شخص السيد عمار لتهميش الدور الوطني والمرجعي الذي يؤديه وتارة انه لايريد حلا لذلك ليبقى يعيش والمستفيد الاكبر من الازمات الطائفية لمكاسب شخصية , فتم قبولها من شخص آخر حمل نفس المبادرة وهو السيد البرزاني وبدل من كان يراد بها ان تعقد في بغداد انتقلت لتكون في شمالها , ولم تكن مستديرة بمعناها الشمولي بجمع كافة الاطراف صغيرة كانت او كبيرة بل اقتصرت على بعض الرموز السياسية ولما كان اساس البناء ضعيف سوف يكون هذا البناء متهاو وينهار وهذا ماحصل فعلا وما خلفه من تبادل للأتهامات فظهرت حكومة وزارية تفتقر لأهم وزاراتها الامنية لتلك الفترة الحرجة التي يمر بها البلد وهي الداخلية والدفاع وتجاهلت هموم الشعب ومتطلباته الخدمية وخلفة ملفات فساد كبيرة لاتعد ولاتحصى . وها نحن نعيش مرحلة اخرى حرجة لاتقل عن التي سبقتها من استقواء للغة الارهاب والطائفية من جديد لترجع ببلدنا لسابق عهده من الحروب الاهلية والقتل على الهوية , فجاءت الدعوة من جديد من قبل حكماء القوم والمتمثلة بسماحة السيد عمار لعقد الطاولة من جديد وعلى الرغم من وجود اصرار في رفض الفكرة من قبل البعض لكن سماحته اصر على ان تجتمع جميع القوى السياسية المختلفة حول تلك الطاولة ولو كان رمزيا لطمأنة أبناء شعبنا العراقي المضحي ويطلقوا من خلال رسالة الوحدة والقوة ضد الارهاب والطائفية المقيتة ( ولنستذكر في هذا المقام قصة الاب الحكيم التي جاءت في صدر الكلام والدروس المستوحاة) ,وليأكدوا المجتمعين انه مهما اختلفوا وتعددت وجهات النظر الا أنهم ينحنون امام الدماء البريئة الزكية وتصغر وتتلاشى خلافاتهم امام تضحيات الشعب العراقي وكذلك يكون اجتماع للوقفين السني والشيعي وبعض علماء اهالي الانبار لأصار بيان موحد يحرموا فيه سفك الدم العراقي وللوقوف ضد من يريد بهذا البلد من ان ينهار , وقد تزامنت هذه المبادرة وما افرزته الايام القليلة الماضية من حصول كتلة المواطن المتمثلة بتيار شهيد المحراب بزعامة السيد عمار الحكيم على نتائج لم تكن متوقعة من اغلب الكتل السياسية وهم لايملكون اي منصب في الحكومة المركزية او المحلية, ونافس ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الحكومة ونائب رئيس الجمهورية وتحالفه مع الكتل الكبيرة المعروفة كالفضيلة وتيار الاصلاح ومنظمة بدر وآخرون بعدد المقاعد في اغلب المحافظات , هذا ادى الى نوع من الاطمئنان في الشارع السياسي لوجود تيار معتدل يوازي تيار الحكومة المركزية فأخذوا يحسبون للسيد الحكيم ومواقفه ومبادراته الف حساب . وفعلا لقيت مبادرته الاخيرة ترحيب كبير من قبل جميع القوى السياسية واكد الجميع ترحيبهم بما طرحه السيد الحكيم والتاكيد على ضرورة اتخاذ خطوات جدية من شأنها وضع حد لحالة التداعي الخطير في الوضع العراقي . ونأمل ان تكون الايام القليلة القادمة تحمل في طياتها ما فيه استقرار البلد وهو ما يتوق له الشعب العراقي المظلوم . والله الموفق .
https://telegram.me/buratha