منذ بداية تأسيس الحركة الصهيونية العالمية على يد (ثيودور هرتزل) اواخر القرن التاسع عشر, الذي دعا اليهود للعودة الى ارض الآباء والأجداد على حد ادعائهِ (إيريتس يسرائيل) وبعد فترة طالب قادة الحركة بأنشاء دولة منشودة في فلسطين, والتي كانت على جزء من الاراضي التي تسيطر عليها الدولة العثمانية, وقد ارتبطت الحركة الصهيونية الحديثة بشخصية اليهودي النمساوي هرتزل, الداعية الأول للفكر الصهيوني الحديث, حيث تقوم على آرائه الحركة الصهيونية في العالم .
وبعد تأسيس كيان الاحتلال الاسرائيلي اخذت الصهيونية توفير الدعم المالي والمعنوي, وهناك طرف آخر يصفها بالايدلوجية والعنصرية المتطرفة بطرد الفلسطينيين من ارضهم, ونشير الى ان أول من استخدم مصطلح الصهيونية هو ناثان برنباوم, اليهودي النمساوي عام 1890 وقد عقد أول مؤتمر صهيوني في مدينة بازل, في سويسرا ليتم تطبيق الصهيونية بشكل عملي على ارض فلسطين , فعملت على تسهيل الهجرة اليهودية ودعم المشاريع الاقتصادية, ومنذ ذلك الوقت وحتى عام 1948 بقيت دولة اسرائيل كائن مرفوض, لا يحظى بمقبولية من جميع الاطراف العربية والصديقة لها, وخلال الفترة مابين عام 1948 لغاية عام 2000 عملت اسرائيل على خلق بيئة تبعد عنها شبح التهديد المستمر, من قبل الحركات الاسلامية المقاومة, الرافضة للوجود الصهيوني على ارض فلسطين, فاستطاعت للوهلة الاولى ان تخلق صراع عربي عربي, ثم تلاه صراع عربي ايراني, بعد رحيل نظام الشاه ومجيء نظام اسلامي قائم على اسس مغايرة , لتصنع من خلاله عدو جديد للعرب وقد نجحت في ذلك .
تفاعلت المجتمعات العربية مع هذا العدو التي صنعته اسرائيل, وخاصة في المجتمعات ذات الطابع الغير متعدد المذهبية (المجتمع السني), سارت الاحوال بعد ذلك بحسب ما تشتهي السياسة اليهودية, وليبتعد شبح الخطر الذي كان يهددها, ولكن برز عدو جديد يبدد الاحلام الاسرائيلية, وهذه المرة من العرب الشيعة, فالمقاومة اللبنانية "حزب الله" كانت خطرا حادق يهدد الوجود الصهيوني الغاصب, وهو وجه من اوجه الصراع بين (السنة والشيعة ).
وصراع السنة والشيعة هو صراع من نوع اخر, اججته اسرائيل بعد بزوغ الهلال الشيعي المقاوم على ارض الواقع وبقوة, عمدت الصهيونية على خلق فتنة جديدة, كان بطلها هذه المرة التيارات الاسلامية المتشددة, ولعل افضلها بالنسبة لإسرائيل هي الحركة ( الوهابية ) وفكرها المتطرف, صُقلت افكار هذه الحركة بأيادي صهيونية بحتة, بمساعدة الانظمة العربية المتواطئة معها, وابرزها (قطر والسعودية ) فاشتعلت حرب طائفية طاحنة, ونشغل الاعراب بصراعهم الداخلي وابتعد شبح التهديد عن اسرائيل, وبدل ان يكون الصراع عربيا ـ ايراني, اصبح هذه المرة اصبح صراع عربيا - عربي, واستمرت السياسة الصهيونية بدعم هذه الحركات الى يومنا هذا, ولعل الاحداث الجارية في الاراضي السورية خير دليل على ذلك.
ومن وجهة نظر موضوعية فان اسرائيل قد ارتكبت خطأ سيكلفها الكثير, اذا ما استمر الحال على ما هو عليه في سوريا, فقد بدأت الاوراق تتكشف امام الشعوب العربية, بالنسبة لاسرائيل وحلفائها من الزعماء العرب, واصبح التيار الشيعي المقاوم يحظى بمقبولية كبيرة في الاوساط الشعبية العربية لانه يمثل لها املا بمحو عار ذل الانظمة العربية وخياناتها ودسائسها ..
https://telegram.me/buratha