جواد العطار
زيارة وفد رسمي عراقي عالي المستوى الى العاصمة القطرية الدوحة؛ قد يكون امر طبيعي بين أي بلدين يشتركان في منظومة اقليمية واحدة .. لكن ما هو غير طبيعي ان تأتي الزيارة بعد اتهامات وتصادم بالمواقف بين البلدين لاكثر من سنتين ، اضافة الى غرابة توقيته الحالي الذي يشهد تراجعا واضحا للدور القطري على الصعيد الاقليمي والعربي.الجميع يعلم ان قطر لعبت خلال السنتين الماضيتين دورا اكبر من حجمها ، وكان لها الاثر السلبي بالتدخل في شؤون ليبيا ومصر وآخرها سوريا ، ومع نقمة الشعوب العربية على السياسة القطرية وانهاء دورها دوليا بالاتفاق بين واشنطن وموسكو حول الملف السوري ، انكفئت السياسة الخارجية لقطر التي كانت تستخدم المال والاعلام الموجه في التدخل وزعزعة استقرار معظم البلدان العربية ومنها العراق .. فهل جاءت الزيارة العراقية باب امل لاخراج قطر من عزلتها الراهنة ام استجابة لمغازلة العتب والعتاب غير الدبلوماسية التي اطلقتها عبر جريدة السياسة الكويتية قبل اسابيع ؟؟. سؤال لا نستطيع الاجابة عليه ، لانه يخضع لاعتبارات "في السياسة ، لا عداوات دائمة ولا صداقات دائمة بل مصالح دائمة" .. وهذا ايضا يثير تساؤل آخر .. هل جاءت هذه المصالح بشكل مفاجيء ؟ واين الشعب العراقي من هذا التحول وهو الذي مضى عليه اكثر من سنتين يستمع من الساسة الى مؤامرات قطر ودورها السلبي في العراق ؟ بل اين وزارة الخارجية وسياستها من هذه المسألة ؟ وموقف الصدام معها في قمة الدوحة الاخيرة بشأن تمثيل سوريا في الجامعة العربية لم يبرد رغم مرور شهرين على حدوثه.لا نعلم كيف حدث ذلك ولماذا يحدث ، هل غيرت قطر موقفها بشكل كلي من العراق وعمليته الديمقراطية لتتحول من عدو دائم الى صديق داعم؛ حتى يزورها وفد امني رفيع المستوى للتنسيق والاتفاق على تدريب عناصر الامن العراقية وبمباركة برلمانية ، ولو تتبعنا موقف لجنة الامن والدفاع البرلمانية من الموضوع وهي المخولة بالرقابة على الجهة التنفيذية في ملفات الامن ، سنجده متذبذبا على لسان نائب رئيس اللجنة وبالشكل التالي : • قبل الزيارة بستة اشهر - 31/10/2012 : لجنة الامن والدفاع في مجلس النواب تؤكد ان المعركة مع التنظيمات الارهابية ستستمر بسبب الدعم القطري السعودي لها.• قبل الزيارة بثلاثة اشهر - 1/2/2013 : لجنة الامن والدفاع النيابية تكشف عن وجود معلومات استخباراتية تؤكد تدخل وتآمر تركيا وقطر على تقسيم العراق. • بعد الزيارة بيوم واحد - 24/05/2013 : لجنة الامن النيابية تبدي دعمها للتنسيق الامني بين بغداد والدوحة فيما يتعلق بتدريب العناصر الامنية ومتابعة المطلوبين.لا يهمنا ان جاءت هذه التصريحات شخصية؛ وهي لم تكن كذلك لانها تكررت ولاكثر من مرة ، اما اذا كانت بناءا على مواقف ارتجالية او آنية لا معلومات استخبارية دقيقة فانها طامة كبرى .. فاذا كانت المواقف المتأرجحة هي من يتحكم بمصائرنا في الملف الامني لا التخطيط الدقيق والبعيد الذي يستند الى ثوابت وخطط وستراتيجيات تعمل بالمدى القريب والبعيد بشكل اوسع واشمل في قراءة لاغلب الملفات وخصوصا الاقليمية منها لانها ذات تأثير مباشر على الوضع الداخلي؛ فاننا بحاجة الى مراجعة جادة لكافة المواقف والخطط في الملف الامني وغيره ، مثلما نحن بحاجة الى تأني المسؤولين والسياسيين في اطلاق التصريحات واعلان المواقف السياسية؛ الداخلية او الخارجية .. دون مبرر او تخطيط او سند او معلومة دقيقة.
https://telegram.me/buratha