محمد حسن الساعدي
ليس من العيب ان ينتمي الانسان الى طائفة ، وليس من النقص ان يقول الانسان انا شيعي او يقول الآخر أنا سني ، وكلاً يعتز بانتمائه الى مذهبه ، وليس من الطائفية أن يعلن انتمائه الى مذهبه ، بل الطائفية ان تعلن الحرب ضد الطوائف الاخرى دون وازع ديني او انتماء او اخوة في الوطن او الدين، ومحاولة فرض الارادات الخارجية على الواقع العراقي المتشنج أصلاً .انا لست مع من يقول ان لاجود للطائفية في العراق ، الطائفية موجودة ، والانتماء الطائفي موجود ، ولكن لوجود العلاقات الاجتماعية بين افراد الشعب العراقي جعلت هذا الفكر يذوب في هذه العلاقات ، فنشاهد ان الشيعي متزوج من سنية ، او ان السني يتزوج شيعية، فزالت هذه الخلافات في هذه العلاقات ، وهذا ما جعل العراق يسير بهدوء بعد عام 2003 .ولكن مع دخول الاجندات الخارجية وتفتيت العلاقات الاجتماعية بين ابناء البلد الواحد ، ظهرت الفوارق والتفارق بين ابناء الطوائف ، مع أعطاء شحنة طائفية أخذت هذه الثقافات ترسو على سطح الخارطة العراقية لتضع خارطة طريق جديدة في التعاشق بين ابناء الوطن الواحد .فأخذت الطائفية بعداً مناطقياً ، وأصبحت الطائفة مغلّبة على الوطن ، وانهارت الكثير من العلاقات الاجتماعية ، فأصبحت هناك مناطق سنية ، ومناطق شيعية ، فلا يمكن لهذا السكن في تلك ، ولايمكن لذلك السكن في هذه ، مما أفرح العدو من تفتت العلاقة بين ابناء الوطن والدين الواحد .تصرفات السياسيين ساعدت كثيراً في ارواء هذه الافكار ، وفقدان الثقة بين جميع الاطراف نضّج فكرة الانتماء الديني قبل الوطني ، فنرى الكثير من السياسيين اليوم لاينظر الى الوطن بقدر ما ينظر الى الطائفة ، مع العلم ان الطائفة يجب ان تذوب في الوطن ، وربما الصراع بين السياسيين قد يكون السبب في انحدار العراق نحو كارثة التفكك، في الوقت الذي تقف فيه الولايات المتحدة موقف المتفرج ولا تفعل شيئا للحيلولة دون ذلك.أذ لا شك أن أهم مراحل تبلور فكرة الطائفية في العراق بشكل كبير وواضح في الوقت القريب، كان بعد سقوط النظام في عام 2003م ، فكان للتواجد العسكري الأجنبي على ارض العراق والمتمثل بالقوات العسكرية الأمريكية، الدور الرئيسي والمهم بإذكاء المشكلة الطائفية في العراق ، لأن سياسة الاحتلال تتطلب تأجيج الصراع الطائفي لغرض إضعاف شعوب البلدان وبالتالي تسهل مهمة السيطرة عليها، وبالحقيقة ان إشاعة النعرة الطائفية كانت على امتداد الزمن وطوال التاريخ هو النهج الذي يلجأ أليه كلً من الطغاة بهدف منع توحد الشعب وإدامة النهب والاستئثار بالسلطة والسيطرة على مقدراتها , وبالحقيقة أن ما تفرزه تصريحات السياسيين اليوم والتي يمكن تبويبها بخانة الإفلاس السياسي من مؤشرات ومعطيات تكاد لا تبشر بخير , ففي ظل تصريحاتهم التي تحاول شحن الشارع العراقي طائفياً وقوميا فأنا وجدنا انفسنا قد انزلقنا بطائفيه جديده اكثر من سابقتها مقتاً وعنصريه ,فهذا سني وهذا شيعي وهذا تركماني وهذا ازيدي وتكاد تكون طائفية الكردي والعربي الابرز اليوم بسبب التصريحات الاعلاميه من قبل طرفي النزاع مسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان ونوري المالكي رئيس الحكومه حول المناطق المتنازع عليها في كركوك ,وتعتبر هذه الطائفيه التقسيميه الجديدة من اخطر انواع الطائفيات التي بدأت تتبلور اليوم في عراقنا الحبيبالشعب العراقي بكل طوائفه وبما يحمل من خزين لا يثمن ولا ينضب من القيم الأصيلة والجذور القوية التي أرست علاقات الألفة والأخوة والمحبة بين أبنائه كافة، سينتصر في الأخير وستخيب كل المحاولات الخبيثة لزرع الفتنة والفرقة في هذا البلد الطيب والمسالم وسوف لم تجد الطائفيه الجديدة التقسيميه اي موطئ قدم لها فيه.إن الأحزاب تحاول أن تحل أو تكون بديلا للأديان والمذاهب ، وهي تتعامل مع الأحزاب الأخرى التعامل نفسه ، لا سيما إذا جعلت نفسها قائدة للدولة والمجتمع . أليس هذا التعامل طائفيا أيضا لأنه لا يقبل التعايش ؟ فالمقيت والتافه في الطائفية هو التعصب ، وهو نفسه المقيت والتافه في الأحزاب وفي كل الجماعات البشرية المتعصبة . ومن أجل القضاء على التعصب ، ومن أجل إحياء الاعتراف بالآخر ، وشيوع هذا الاعتراف .. نحن ندعو إلى المنهج أو الطرح الوطني الديموقراطي ، الذي لا يحل الإشكال الطائفي وحده ، بل يحل الإشكالات الحزبية والعشائرية والفئوية والأقلية وسواها .
https://telegram.me/buratha