ثمة سؤال يراوح في مكانه في بوابة الحلق، هذا السؤال يتحدث عن الخديعة التي وقعنا في براثنها، وسيلومني كثيرون معتبرين أني وسواي ممن يتبضعون في سوق أخطاء الساسة، على أننا عناصر مثبطة للعملية السياسية، ولا نمتلك غير أقلام يابسة لا تقدم ولا تؤخر، بقدر ما هي تعمل على تسويد لصفحات في جرائد نقبض أثمانها سما وزقنبوتا..!..
في موضوع الخديعة أو الخدعة، حدثونا عن ثوابت جديدة تصلح لعصر جديد سنلجه بلا قمع أو ديكتاتورية، عصر بلا سادة ولا عبيد، وسيسمح لنا جميعا بالوقوف على خط شروع واحد منه ننطلق نحو غد بلا آلآم ولا آثام..في هذا العصر ـ الحلم، ستسير الأمور مؤتمتة تماما مثل الساعة التي تعبأ بـ "زنبرك" يتعين أن نلف الزنبرك كل يوم مرة واحدة، وأن يتم لفه بتؤدة وهدوء وبلا شد... في هذا العصر سنعيد تعبئة العملية السياسية ديمقراطيا مرة واحدة كل أربع سنوات، لتدور بعدها عقارب ساعة دولة المؤسسات وفقا لتوقيتات محسوبة سلفا، توقيتات تصنعها القوانين والرجال فيها مجرد منفذين، ولا يهم إن نفذ هذا الرجل أو ذاك مفردة بعينها، المهم أن يناط تنفيذ المهام برجال مؤهلين وقادرين على النهوض بمهمة التنفيذ..وحسبنا أننا سننتقل الى مصاف دول وبلدان وأنظمة تدار بطريقة مؤسساتية، حيث تأخذ حتى القضايا الصغيرة حيزها من الوقت والتدقيق قبل الإقدام على تنفيذ رؤى أو إجراءات يعتقدها القائمون على إدارة تلك المؤسسات صحيحة، والعمل المؤسساتي يقتضي وضع قواعد عمل تناط بموجبها مهام التنفيذ بأجهزة محددة، تكوِن إختصاصها الذي تعمل بموجبه، وتتجنب تلك القواعد إناطة المهام بأشخاص، بل يجري التكليف للأجهزة التي يعمل أو يقودها أولئك الأشخاص، ومرت أكثر من سنوات عشر منذ تغيير نيسان 2003، دون أن يتم وضع حدود واضحة بين شخصنة الأفعال ورسمنتها، فمازلنا نقرأ أخباراً مثل أمر وزير الوزارة الفلانية بالقيام بالعمل الفلاني، وكأنه يملك عصا الماريشالية وتحته الجيوش المقاتلة، أو أوعز علان العلاني محافظ المحافظة بالقيام بالعمل الكذائي، وكأن العاملين في المحافظة تلك(حوشية عند والده الشيخ)..ويدل هذا الإسلوب من تداول العمل، على أن ليس هناك من خطة تعمل وفقها أجهزة الدولة ومؤسساتها، بل هي تعمل على قاعدة أمر أمير الأمراء رئيس الوزراء أن يحفر بئرا في الصحراء يشرب منه الرائح والراد، كما كان يحصل في عصور السلاطين..
كلام قبل السلام: غادروها سادتنا المسؤولين، فهي أساليب تذكرنا بهيمنة حفنة من (الآمرين والناهين) على حياتنا، ويفترض و بموجب الدستور الذي كلفناكم بموجبه بأعمالكم لقاء أجور مجزية، أن تتقبلوا أنكم في خدمة شعب تعداده ثلاثون مليونا من السادة الأحرار الأصلاء، وأن تتشرفوا بذلك.. لا أن تأمرونا وبفلوسنا!
سلام..
https://telegram.me/buratha