حافظ آل بشارة
المجزرة الدموية مستمرة في بغداد ، والدولة بجميع مؤسساتها واحزابها وكتلها تلعب دور المتفرج الذي يكتفي ببيانات الاستنكار وكأن الكارثة في بلد آخر ! الأزمة السياسية تنعكس في الشارع بشكل دماء عشوائية ، العصابات الارهابية تهيمن على بلد مستباح . والسؤال لماذا لا يتفاعلون جديا مع مبادرة السيد عمار الحكيم التي دعا فيها الى اجتماع رمزي للاطراف المعنية للخروج بحل ؟ لماذا لا يسارعون الى تنفيذ هذه المبادرة التي هي صوت قوي احرج المتفرجين ؟ في الازمات السابقة كان الناس يتذكرون حكاية (الاجتماع الوطني) الذي لم يعقد ، وحكاية (المؤتمرالوطني) الذي فشل ، و(مبادرة طالباني) التي كانت دعوة لاجتماع في منزل رئيس الجمهورية ولم تسفر عن شيء ، لكن مبادرة السيد الحالية هي امتداد لدعوة (الطاولة المستديرة) التي كانت آلية حل ممتازة للازمة ، حاليا اختلفت الظروف والخلفيات وتضاعف مؤشر الخطر الشامل ، لذا جاءت دعوة السيد الأخيرة وقد لقيت ترحيبا من قبل الكتل الرئيسية كالتحالف الوطني وائتلاف القائمة العراقية والتحالف الكردستاني وكافة الاوساط ، ووصفها البعض بأنها وسيلة لاخراج العراق من عنق الزجاجة ، لكن التأييد والترحيب لا يكفي ، يجب تنفيذ المبادرة بسرعة ، واذا كان البعض يتسائل عن كيفية تنفيذها فهي تساؤلات في غير محلها لأن السيد في خطاباته وتصريحاته السابقة قدم الكثير من التفاصيل وأكد ضرورة مواجهة الأزمات بمسؤولية اخلاقية ودستورية ، وكان يذكر دائما ان الحل الجذري يجب ان يجري عبر مراحل هي : 1- التهدئة ووقف كل اشكال التصعيد الاعلامي والسياسي بين مختلف الاطراف المعنية . 2- خروج كافة الاطراف بتوصيف وتعريف موحد للأزمة القائمة يعكس فهما واحدا ورؤية واحدة . 3- الانتقال الى مرحلة الحوار وتفكيك الازمة الى عناصرها الادق والدخول في التفاصيل بقوة ووضوح واكتشاف نقاط الخلاف الجوهرية . 4- التفاوض والتداول الايجابي المباشر والصريح بين مختلف الاطراف المعنية للخروج بحل وتثبيت الاتفاقات والتعهدات ووضع سقف زمني لتنفيذها بسرعة وتجنب المماطلة والتسويف . وكان ايضا يؤطر هذه المراحل بشروط اهمها : 1- رفض التدخل الخارجي والاملاءات الاقليمية . 2- تقوية الثقة والتواصل وتقديم حسن الظن بين الاطراف السياسية وعدم التخندق المسبق . 3- استعداد كل طرف لتقديم تنازلات وتفضيل المصلحة الوطنية العليا على المصالح الخاصة . 4- احترام الدستور والقانون والعمل في اطارهما ، لذا فمبادرة السيد الأخيرة لا تحتاج الى مزيد من التفاصيل لان التفاصيل سبقت العنوان والكرة الآن في ملعب السياسيين وتترتب عليهم مسؤولية تنفيذها وتفعيلها ، فالعراق يشهد تدهورا أمنيا غير مسبوق ، وقد انتقلت العصابات الارهابية الى اسلوب الاعتداء المتقابل ، اي تنفيذ عدة تفجيرات في منطقة شيعية ثم الانتقال لتنفيذ تفجيرات في منطقة سنية في بغداد للأيحاء بوجود فعل ورد فعل ، ضربة وضربة ثأرية ، هجوم وهجوم مقابل ذي طابع طائفي ، وجر الاهالي الى التورط في القتال وهي حسب تصورهم مقدمة تؤدي الى تفجير الحرب الأهلية ، الا ان معظم الاهالي في بغداد يعرفون حقيقة ما يجري ويعرفون ان الذي يقوم بهذه التفجيرات والقتل العشوائي جهة واحدة هي عصابات الارهاب ذات المخطط المعروف . فماذا تنتظر قيادات هذا البلد ، هل هناك وضع اخطر مما يجري الآن ، وهل هناك مبادرة لمواجهة الوضع الحالي افضل من هذه المبادرة ؟
https://telegram.me/buratha