المهندس علي العبودي
عدة أسئلة تدور في ذهني , وأنا أرى في عيون البعض .. ممن كانوا يرجوا الله ليلا" ونهارا" بتغير خارطة النظام الحاكم , فالبهجة والسرور بدأت تتلاشى شيئا" فشيء كردة فعل نفسية , للمظاهر التي لا تنم بصلة الى الثوابت الدينية , والمنظومة الأخلاقية والعشائرية , والإرث الحضاري والفكري , الذي نفتخر به بين الحين والأخر , فالقتل , والتهجير , والفساد الإداري والمالي المستشري في جميع المؤسسات دون استثناء , فالمصالح العليا مغيبة , والمصالح الحزبية والفئوية والطائفية والقومية هي السائدة في المشهد السياسي الحاكم بعد التغيرات السياسية الى يومنا هذا , أما من يحَمل المفاهيم الأخلاقية المتمثلة بالإيثار والمصالح العليا التي تهم الوطن والمواطن فهو في الطريق المُوحش .أن أزمة الثقة بين الأطراف السياسية وبعض امتداداتها الشعبية , رسَخت في النفوس والوجدان , لتمنح الضوء الأخضر للقوى الإقليمية والدولية, لتحصل على موطئ قدم في العراق , ليسلب قراره وان كان الإمضاء بأيدي عراقية ! فالسيناريو المعَد من قبل أمريكا وإسرائيل وذيولها من أشباه العرب , هو التركيز على زيادة الأحتقان الطائفي بين أبناء البلدان العربية والإسلامية , فالشد الطائفي يعلو ولا يعلى عليه , فبعدما مرت علينا سنوات عجاف , يراد لها أن تولد من جديد , كانت دائرة الطب العدلي هي ملتقى العواطف الجياشة لعوائل الضحايا والمغدورين , فالمشاعر تحاكي الوجدان بهمس , لتخاطب النفوس المجردة من الرحمة والرأفة , لتنادي بلسان حال شهداءها (بأي ذنب دمي جرى) , ليس عجبا" ان نسمع , ونرى ,ونلمس , استهداف الشهداء قبل توجههم لمثواهم الأخير ! فخفافيش الظلام لا تستثني أحدا".. وأن كان خطا" أحمر, كالأماميين العسكريين عليهم السلام , ففي بلادي يستهدف المرجع والمكلف , والمسجد والمقهى , والكاسب والموظف , شيعيا" كان ام سني , عربيا" كان ام كردي , تركمانيا" كان ام صابئي , دمائنا في المزاد العلني , لكنها الأرخص في العالم , با أبخس الأثمان نقتل , وبالطرق التقليدية نقطع , فبالأمس التهموا كبد حمزة (عليه السلام ) , المارقين , والمأجورين , والحاقدين , أتباع هند , وآل ابي سفيان , وآل مروان , ومن سار على نهجهما , أما اليوم فقد تجاوزا أكل الأكباد , ليلتهموا القلوب بأسم لا أله الا الله , فتتوجه بعض أـهالي الضحايا الى المرجعيات الدينية والسياسية الموالية لها , بردة الفعل التي لا يعرف عقبها الا الله , والجواب هو (ضبط النفس ), ليتكرر المشهد عشرات المرات بل المئات , والجواب يراوح في مكانه , فأي نفسُ لها القدرة ان تقف مشلولة امام ضبط النفس هذا , قد نشخص الجاني , ومن يؤويه , ومن يدعمه في الداخل و الخارج , ولانتفاجئ ان يصل الدعم لدعاة الفتنة والقتل من بعض الرؤوس الكبرى في السلطات الرئاسية الثلاثة !! , دون حياءُ او خوف من الله , تاركين خلفهم القسم القرآني أمام الله والشعب .فهل ضبط النفس من الجبن أم الحلم , وما الغاية من أصرار المراجع لهذا المفهوم , فالشكوك والهواجس التي تشد البعض الى العصبية المفرطة , أصبحت لا قيمة لها لقول الأمام الصادق علية السلام ( الصبر على المصيبة , مصيبة للشامت ) , فالصبر على فقد المال والبنين, له ثمار لم نلمسها الآن , وربما سيكون لها واقع مشرق في المستقبل القريب , لعدو يريد ان ينال من وحدتنا وعزتنا وكرامتنا , قدرنا ان نكون في بلد متعدد الألوان , والطوائف , والقوميات , والديانات في ظل عراق واحد, كلنا في مركب واحد رضينا بذلك أم لم نرضى , فإذا غرق فأنه يغرق بالجميع , مالنا خيار الا الصبر والصمود , أمام هذه التحديات الخطيرة , فالالتفاف حول المرجعية الدينية والجهات الموالية لها ..بالإضافة الى الخيرين من أبناء هذه الامة .. هو السبيل الوحيد لنا للعبور للضفة الأخر , فالبهجة والسرور من أسقاط النظام , لم ولن تتلاشى .. وإنما حاصلة بصبرنا وصمودنا وأن كان على مضض .
https://telegram.me/buratha