جعفر المهاجر.
بسم الله الرحمن الرحيم:( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ. )- آل عمران- الآية 110.حين يذكر أي مسلم يعيش على هذه الأرض كلمتي ( الأمة الإسلامية ) فإنه يرى في محتوى هاتين الكلمتين العظيمتين أفقا طاهرا واسعا من المعاني الجليلة ، وسفرا ناصعا من القيم الأخلاقية السامية ، والمثل النبيلة الراقية ، والفضائل التي خص بها الله هذه الأمة بإرساله أعظم نبي لها ليعلمها الكتاب والحكمة. هو النبي محمد ص صاحب الخلق العظيم ، والرحمة الكبرى ، والجلال الطاهر ، والنور الباهر الذي ضرب أروع الأمثلة في سمو الأخلاق .وصون حق الإنسان في الكرامة والحرية والمساواة ، واعتبر دم المسلم لابل دم أي إنسان بريئ هو دم مقدس عند الله لايحق لأي إنسان أن يهدره إلا بالحق . ومن فعل غير هذا فإنه خرج عن الرحمة الإلهية التي هي العمود الفقري لأمة الإسلام لأنه ارتكب بعمله المشين أكبر الكبائر ، وأبشع الظلم والمنكرات.إن الإسلام نقل هذه الأمة من أشد الظٌلَمِات حلكة ، إلى عالم النور والتسامي الإنساني الفريد. الذي يتجلى فيه السمو الروحي بأبهى حالاته ، وأعظم معانيه ، وتنمو في تربته الخصبة شآبيب الرحمة والعطف والمداراة والمساواة، وأغراس الحكمة التي انتشر عطرها في كل أنحاء الأرض بدل النهب والسلب ، والعصبية القبلية ،والحروب الطويلة الأمد وما كان يجري فيها من سفك للدماء. وكل هذه القيم العظيمة التي جاء بها الإسلام غايتها إعمار الكون وخدمة البشرية جمعاء ، وإنقاذها من كل تلك العادات والرواسب الهمجية البغيضة .لأن هذه الأمة التي أرادها الله لها بالإسلام أن تكون خير الأمم في العلم و العمل المثمر لخدمة هذه المسيرة الإنسانية النيرة. حيث حمًل الله رسوله الذي اصطفاه من بين البشر تلك الأمانة الكبرى ، لتشع على الدنيا بمبادئها الخيرة الجليلة .فحملها رسول الإنسانية محمد ص في قلبه وروحه ووجدانه بكل تفان وصدق وإخلاص، وجسدها على الأرض بالعمل والصبر المرير الدؤوب. والخلق الرفيع العالي الذي أنار الكون برمته. رغم كل القوى العاتية التي تصدت له ولتلك الكوكبة النيرة الطاهرة من أهل بيته الغر الميامين ع، وصحابته المخلصين الأجلاء الذين آمنوا به وبدعوته و لاقوا أشد أنواع العنت والقهر والضيم والظلم التي تعجز النفس البشرية عن حملها من أجل تلك الرسالة السمحاء . وبذلوا أرواحهم الكريمة السخية على طريق تلك المبادئ الإنسانية العظيمة . فأثمرت بإيمانهم وصبرهم وجهادهم المرير تلك الدوحة المحمدية، وأصبحت دوحة عالمية وارفة الظلال تحنو على كل إنسان يريد أن يستظل بظلها ويستقي من نبعها الطاهرالنقي. ولابد أن يعرف المسلمون الحقيقيون إنهم أتباع أشرف رسول وأعظم نبي على هذه الأرض . ولابد أن يحملوا على عواتقهم مسؤولية هذا الدين القيم ، ويسترشدوا بسيرته وهداه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بعد أن أخرجهم نبي الله الكريم ص من عتمة الجاهلية البغيضة الذميمة .بسم الله الرحمن الرحيم :(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) . سورة الجمعة آية 2.لقد أراد الله بإرسال نبي الرحمة والهدى والحق محمد ص أن يحول هذه الأمة من جهل مطبق ،وجاهلية جهلاء إلى أمة إبداع وخلق وعلو يرفرف علمها خفاقا في سماء المجد والرقي والعلم والمدنية والفضاء الإنساني الرحب. بعد تخليصها من عصبيات القبيلة والعرق والوأد والتهتك .فأعطى نبي الرحمة والكرامة والرحمة والطهر الإلهي محمد بن عبد الله ص المثل الأعلى في الإمتثال إلى الأمر الإلهي، لكي ينتشل هذه الأمة من تلك الهوة السحيقة باذلا من نفسه الكريمة الكبيرة ، وخلقه المتفرد الطاهر، وبركات وجوده النير الكثير الذي يعجز البشر عن تحقيقه ، متحديا عتاة القهر والهمجية والضلال وقطع الرؤوس دون وجه حق من أجل أن يبلغ رسالة السماء إلى البشرية جمعاء. حيث وصف أخوه ووصيه وأول من آمن برسالته العظمى علي بن أبي طالب ع تلك المسيرة النورانية المباركة في خطبتين له قائلا:( إن الله بعث محمدا ص نذيرا للعالمين ، وأمينا على التنزيل ، وأنتم معشر العرب على شر دين . وفي شر دار منيخون ( مقيمون )، بين حجارة خُشنٍ، وحيات صُمٍ تشربون الكدر ، وتأكلون الجٍشب ( الطعام الغليظ ) وتسفكون دماءكم ، وتقطعون أرحامكم ، الأصنام فيكم منصوبة ، والآثام بكم معصوبة . (مشدودة ). نهج البلاغة - الخطبة 26.( بعثه ص ، والناس ضُلاًلٍ في حيرة ، وحاطبون في فتنة ، قد استهوتهم الأهواء ، وآستزلًتهم الكبرياء ، وآستخفتهم الجاهلية الجهلاء ، حيارى في زلزال من الأمر ، وبلاء من الجهل ، فبالغ ص في النصيحة ، ومضى على الطريقة ، ودعا إلى الحكمة والموعظة الحسنة . ) نهج البلاغة - الخطبة 95.وحين وقف جعفر بن أبي طالب ذو الجناحين شهيد مؤتة رض أمام النجاشي ملك الحبشة خاطبه قائلا:(أيها الملك : كنا دوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام، ونسيئ الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك ، حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ، ونخلع ماكنا نحن وآباءنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ،وحسن الجوار،والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات . وأمرنا أن نعبد الله وحده لانشرك به شيئا ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام . ) (السيرة النبوية ج1 ص 335.).لكن تلك الرواسب الجاهلية ظلت تفعل فعلها في أعماق نفوس حاقدة شريرة مريضة وجدت في الرسالة المحمدية ، وسمو مبادئها دينا يهدد زعاماتها القهرية الباغية التي آستمرأت إستعباد الناس وساقتهم كالعبيد ليحققوا بهم أغراضهم الظالمة . نعم لم يرق لهم هذا الدين القيم الذي هدد مصالحهم وتحكمهم وجاهليتهم الرعناء التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم جيلا بعد جيل . حيث عبر القرآن الكريمبسم الله الرحمن الرحيم:بَلْ قالُوا إِنًا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمًةٍ وَإِنًا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُوْنَ.
فظلوا هابطين في حضيض الآثام ، ولم تسمح نفوسهم الظلامية المغلقة بدخول نور الإسلام إليها لكثرة آثامهم ووضاعة غرائزهم التي تتناقض مع دين الرحمة والسماحة والحب والعطاء. فظل أولئك الضالون الحاقدون يظهرون الإيمان كذبا ،ويضمرون السوء والبغضاء في صدورهم الحاقدة . ويتربصون بالنبي الأكرم ص فنافقوا وكذبوا ونكثوا وغدروا وفجروا وهم يدعون الإسلام زورا وظلما في الظاهر فقط حيث قال الله في محكم كتابه العزيزبسم الله الرحمن الرحيم:( مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا.) النساء -143.ويقول الإمام علي ع نقلا عن رسول الإنسانية ص في نهج البلاغة قائلا:( لقد قال لي رسول الله ص إني لاأخاف على أمتي مؤمنا ولا مشركا . أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه ، وأما المشرك فيقمعه الله بشركه ، ولكني أخاف عليكم كل مُنافِقِ الجنان ، فيقول ماتعرفون ، ويفعل ماتنكرون . ) نهج البلاغة - الكتاب 27.ذلك النفر الضال هو حزب النفاق الذي كان على رأسه عتاة قريش وفجارها من الطلقاء وأبناءهم وأحفادهم من بعدهم .إنه الحزب الذي ترأسه أبا سفيان صخر بن حرب وعبد الله بن أبي بن سلول رأسا الفئة الباغية والمنافقة وذريتهما من بعدهما وهي الشجرة الملعونة في القرآن التي أطهرت الإسلام كرها شديدا . وهي التي أضمرت الحقد واللؤم والبغضاء بعد أن أذاقت رسول الله ص الغصص الكبرى، وأرتكبت الجرائم التي سودت وجه التأريخ بحق صحابة رسول الله الأجلاء رض وأهل بيته الغر الميامين ع وأمعنت فيهم ذبحا وتقتيلا وتشريدا. وكانت الآية الكريمة دليلا دامغا على تلك المواقف المخزية.بسم الله الرحمن الرحيم:( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ .) آل عمران/ 144.و(المنافقون) جمع (منافق)، وهو الذى يستر كفره، ويعلن إيمانه. وكل من يدخل فى الدين الحق ثم يخرج منه على غير الوجه الذى دخل فيه سمى منافقا، لأن أقواله تخالف أفعاله، ويخالف سره علانيته. ومن شدة إيذائهم وغدرهم وانحطاطهم فقد حذر الله في محكم كتابه العزيز من خطرهم في آيات كثيرة منها وخصهم بسورة كاملة وأذكر من هذه الآيات البينات :بسم الله الرحمن الرحيم :( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. ) التوبة -67.بسم الله الرحمن الرحيم :(قالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . ) - الحجرات 14.بسم الله الرحمن الرحيم :( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ. ) التوبة - 101.بسم الله الرحمن الرحيم:(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ * وَإذا فِيْلَ لَهُم لاتُفْسِدُوا في الأَرْضِ قاَلُوا إنًما نَحْنُ مُصْلِحونَ *) سورة البقرة.الآيات 8، 9، 10 ، 11.بسم الله الرحمن الرحيم:( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ.)التوبة -58وفي معظم التفاسير إن هذه الآية الأخيرة نزلت في أحد المنافقين وهو ( حرقوص بن زهير .) الذي غدا زعيما للخوارج فيما بعد حيث قال للنبي ص على أثر تقسيم غنائم معركة حنين . ( إعدل يامحمد ! ) فقال الرسول ص (من هو أعدل مني ؟) فأراد بعض المسلمين قتله بسبب سلوكه المشين فقال الرسول ص لهم : ( خلوا عنه سيكون له أعوان لشد مايتعبدون ، حتى لتعدون عبادتكم بالنسبة إلى عبادتهم لاشيئ ، ولكن مع كل هذه العبادة فهم ينسلون عن الدين . ) وهذا ماأثبته الزمن فيما بعد وإلى يومنا هذا.وتصرح آيات أخرى من القرآن الكريم بأن المنافقين كانوا يستمعون إلى كلام الرسول ص في النهار ويظهرون له الطاعة رياء وكذبا ، لكنهم كانوا يعقدون إجتماعاتهم التآمرية في الليل ليكيدوا للرسول ص ولصحابته الأجلاء . حيث قال الله سبحانه عنهم :بسم الله الرحمن الرحيم:( وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا .) النساء-81.وقد كثر النفاق وانتشر في المدينة ، وازداد كيد المنافقين وغدرهم بعد انتقال الرسول محمد ص إلى الرفيق الأعلى .وعندما تولى الخليفة الأول الخلافة سعى أبو سفيان لإثارة الشقاق بين المسلمين بذريعة غصب الخلافة وجاء للإمام علي ع ليبايعه رياء ومد يده ليبايعه بيعة نفاق فلم يصافحه وأعرض عنه وقال له :(لقد كنت منذ اليوم الأول عدو الإسلام والمسلمين .) تفسير سورة التوبة والمنافقين للشيخ جعفر السبحاني ص 267.وفي الأيام الأولى لخلافة عثمان بن عفان بقيت هذه الحية الرقطاء على نفاقها . حيث توجه إلى مجلس يضم الحزب الأموي وخاطبهم قائلا:(والآن بعد تيم وعدي ( إشارة إلى عشيرة أبي بكر وعمر ) ها قد آلت الخلافة إليكم . تلقفوها تلقف الصبيان للكرة ، واختاروا لها الدرجة من بني أمية ،فهذه الخلافة هي نفس تلك الحكومة والرئاسة البشرية ، والذي يحلف به أبو سفيان لاجنة ولا نار.) الإصابة ج4 ص 88.لقد مر هذا المنافق بقبر شهيد واقعة أحد الحمزة بن عبد المطلب رض فضربه برجله وقال مخاطبا القبر :(ياأبا عمارة إن الأمر الذي آجتلد نا عليه بالسيف أمسى في يد غلماننا اليوم يتلاعبون به. اللهم اجعل هذا الأمر أمر جاهلية ، والملك ملك غاصبية ، واجعل أوتاد الأرض لبني أمية . ) تأريخ دمشق ج23 ص471 ترجمة صخر بن حرب بن أمية.وقد وضع الله سبحانه جميع المنافقين في الدرك الأسفل من النار في آية صريحة :بسم الله الرحمن الرحيم:(إِ نَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا. )النساء -145.ولا يخفى على أي مسلم واع يريد معرفة الحقيقة الناصعة بتجرد مافعل معاوية ويزيد وذريتهما من أفاعيل منكرة ، وارتكبوا من مذابح رهيبة باسم الإسلام بحق أصحاب النبي الأوفياء وأهل البيت ع. وأبشع تلك الجرائم في تأريخ هذه الأمة ذبحهم لسبط رسول الله ص الإمام الحسين ع وأبنائه وأخوته وأصحابه في العاشر من محرم عام 61 ه على يد الباغي يزيد بن معاوية . ولا يمكن أن ينسى المسلم أصحاب ( الجباه السود ) أتباع حرقوص بن زهير الذين كفًروا خير البشر علي بن أبي طالب ع بعد رسول الله ص ثم غدرذلك الخارجي الزنيم اللقيط الملعون عبد الرحمن بن ملجم به ع وهو يصلي في المحراب. كل ذلك ارتكبوه باسم الإسلام وتفصيل هذه الجرائم وذكرها مدون في أمهات المصادر الإسلامية من مختلف المذاهب وذكرها يحتاج إلى مجلدات ضخمة.ولقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع عن الناكثين والمارقين والمنافقين وعن أحابيلهم وغدرهم ومروقهم عن الدين الكثير من الخطب أذكر واحدة منها فقط:(وما كل ذي قلب بلبيب ، ولا كل ذي سمع بسميع ، ولا كل ناظر ببصير . فيا عجبي ! ومالي لاأعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها . لايقتصون أثر نبي ، ولا يقتدون بعمل وصي ، ولا يؤمنون بغيب ، ولا يعقٍون عن عيب ، يعملون في الشبهات ، ويسيرون في الشهوات . المعروف عندهم ماعرفوا ، والمنكر عندهم ماأنكروا . مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم ، وتعويلهم في المبهمات على آرائهم . كأن كل آمرئ منهم أمام نفسه . قد أخذ منها فيما يرى بعرىً ثقات ، وأسباب محكمات . ) نهج البلاغة ج1 ص 155- 156.وهناك مقولة وهي إن التأريخ يعيد نفسه . ففي عصرنا الراهن هناك من يترضى ويترحم على هؤلاء المجرمين الطغاة كأبي سفيان ومعاوية ويزيد والحجاج وعبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك . لابل يعتبرهم (نبراس) هذه الأمة ،و ( رمز حضارتها ) و ( عنوان ) رقيها ولم يبق إلا أن يقول عنهم إن الله قد أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا .!!! . ومكر هؤلاء الذين نسمعهم في الفضائيات الضالة على مدار الساعة تجاوز مكر من يترضون عليهم . وأسأل كل مسلم حي الضمير والوجدان في هذا العالم : هل إن هؤلاء الذين يرفعون عقيرتهم في الفضائيات ليل نهار ويدعون حرصهم على الإسلام والمسلمين . ويدعمون من يذبح ويقتل المسلمين ، ويدمر الأوطان بالمال الوفير والإعلام المضلل يمثلون الأمة التي أمرت بالمعروف ونهت عن المنكر . وكرمها الله بنبي الإسلام محمد العظيم ص؟لقد سخر حكام الجور من شيوخ البترو دولار لهؤلاء القتلة أموال قارون وفضائيات ووسائل إعلام ضخمة تروج لأفكارهم وضلالهم وإجرامهم وتخدع المغررين والجاهلين للإنضمام إليهم باسم ( الجهاد ) والجهاد منهم براء لآرتكاب المزيد والمزيد من القتل والذبح في بلاد المسلمين، إنهم يلوكون الأكباد والقلوب البشرية ، ويتبعون أحط الوسائل لقتل هذه النفس التي لها حرمة عظيمة عند الله وأمر الملائكة بالسجود لها حتى وصل الأمر بهم إلى وضع مادة متفجرة في طيات القرآن الكريم لتفجيره بين المصلين في الجوامع والحسينيات يوم الجمعة . ويقطعوا الطرق العامة ليجهزوا على مسافرين عزل ويذبحونهم صبرا كما يحدث في العراق ليقولوا للعالم هكذا كان الإسلام ونحن سائرون على خطاه .!!! ولاشك إنهم من ذرية تلك الشجرة الملعونة التي اتخذت الذبح والقتل منهجا لها في الحياة باسم الإسلام ظلما وعدوانا على هذا الدين العظيم دين الرحمة والفضيلة والرقي .هؤلاء لهم وعاظ أحط من الشياطين بخطبهم الضالة . ولهم القابلية على قلب حقائق الإسلام باسم الإسلام رأسا على عقب فالقاتل السفاح صار في قاموسهم الأسود الذي توارثوه ( مجاهدا ) والمجاهد الحقيقي صار( شيطانا ) والمؤمنون صاروا ( غادرين ) والغادرون المارقون المتهتكون الذباحون صاروا ( مجاهدين ) من أجل الحرية في نظر القرضاوي والكلباني والعريفي ومن لف لفهم من وعاظ ملوك البترول وشيوخه الذين حللوا كل ماحرم الله . والله إنه التضليل والكذب والتمرد على الله باسم الإسلام . لقد بات هؤلاء الذين يدعون زورا وبهتانا إنهم علماء الأمة في حل من الخوف من الله . ولاة أمورهم شيوخ بترول غارقين في المفاسد . وسلطان عثماني يقيم المؤتمرات لرؤوس الإرهاب للحث على قتل المسلمين في العراق وسوريا . وأتباعه الذين يحملون عناوين إسلامية لإخفاء جرائمهم بحق الإسلام والمسلمين وهي كثيرة ك ( لواء التوحيد ) و ( جبهة النصرة ) و ( كتائب الفاروق ) و ( أنصار الشريعة ) و(أحفاد الصحابة . ) وغيرها الكثير وما هي إلا عصابات ذبح وقتل أعمى في أسمى أمة رفض قرآنها العظيم بآيات بينات و نبيها الأمين على رسالة السماء محمد سيد البشرية صً رفضا مطلقا.إن هذه الجرائم الوحشية التي تنفر منها حتى وحوش الغاب لقد أصبح الكيان الصهيوني صديقا حميما لوعاظ السلاطين الذين تنادوا ( للجهاد ) في أرض المسلمين ولم يتنادوا للجهاد الحقيقي لتخليص بيت المقدس الذي باركه الله من دنس الصهاينة أعداء الأمة الإسلامية الحقيقيين . وأصبحت فرائصهم ترتعد من عبارة ( لبيك ياحسين !!!) فأي عار وشنار ركب هؤلاء .؟وأخاطب الناعقين في هذه الفضائيات الضالة لماذا تقض مضاجعكم هذه العبارة . ألم تقرأوا التأريخ يوما وتشاهدوا بين صفحاته قول رسول الإنسانية محمد ص الساطع كنور الشمس: ( حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا.) أليس من النفاق أن يقول أحدكم إنني أحب رسول الله ص ويصاب بالهوس والإضطراب إلى حد الهستريا والجنون من إسم الحسين ؟وكيف يصبح السلطان العثماني أوردغان صديقا للأمة الإسلامية وهو يحتل حزءا عزيزا من أرض المسلمين وتأريخ آل عثمان مليئ بالظلم والمخازي والجرائم بحق الأمة الإسلامية واليوم يبعث هذا السلطان المتهور الأرعن قطعانا من قاطعي الرؤوس و سفاحي العصر إلى بلد عربي مسلم ليذبحوا ويقتلوا ويمثلوا ويأكلوا اللحم البشري ويستعملوا الغازات السامة ويدمروا كل مايستطيعون تدميره من أرض المسلمين . ويطلق عليهم وأنتم معه بكل آلتكم الإعلامية المضللة ووعاظكم وعملاء حلف الناتو الصغار الذين ركبهم العار الأبدي إنهم ( ثوار ) من أجل الحرية . هذا السلطان العثماني المتغطرس يتهم مجاميع كبيرة من شعبه الثائر عليه اليوم وعلى سياساته الهوجاء ورعونته وتسلطه بأنهم ( لصوص ) و ( رعاع ) و( قتله )!!!.ترى ماذا جنى شعب العراق معكم لترفعوا عقيرتكم في فضائياتكم المنحرفة عن الحق لتصرخوا وتهيجوا وتضجوا صارخين ( أين أنتم ياعرب من الشعبين العراقي والسوري ) تحثون بأصواتكم المنكرة كل من هب ودب من المجرمين واللقطاء المفسدين في الأرض لدخول هذين البلدين وقتل من يستطيعون قتله من المسلمين لتشفوا غليل حقدكم وطائفيتكم البغيضة التي تتنافى وروح الإسلام السمحة الطاهرة .؟ أليس العراق هو بلد الأئمة والمقدسات وأرض الشام باركها الله؟ لماذا تسعون بمليارات عبيد أمريكا والغرب إلى تدميرهما وذبح أبنائهما ؟ لماذا لاتحرك مشاعركم لو بقيت لديكم ذرة من مشاعر هذه الصور الدامية الرهيبة وهذه الحرائق الرهيبة التي تصرون على استمرارها بحجة إسقاط نظام شعبه كفيل بإصلاحه أو إسقاطه بعيدا عن أي تدخل خارجي لتجهز على ماتبقى من مقدرات هذه الأمة التي يضمر لها الأعداء اليهود حقدا دفينا متراكما منذ أن بعث الله نبي الرحمة والفضيلة والهدى ص ليهديها إلى طريق الخلاص من كل عوامل ضعفها وانهيارها ؟ أليس كل هذا هو الوباء الذي انتشر في الأمة الإسلامية التي كرمها الله في محكم كتابه العزيز نتيجته الوخيمة هو نكوص هذه الأمة وتراجعها وتخاذلها أمام أعدائها الحقيقيين من صهاينة وأمريكان وأطلسيين .؟ فمالكم كيف تحكمون ؟ ومن عذاب الله إلى أين ستفرون ؟أقولها ورب الكعبة ثلاثا لقد سقطت أوراقكم ، وانكشفت عوراتكم ، وظهرت عمالتكم للحلف الغربي الصهيوني بشكل لالبس فيه ولا غموض . لأنكم تريدون لهذه الأمة السامية العظيمة أن تكون أمة نفاق وذبح وقتل لكن مكركم هذا سيرد إلى نحوركم بأمر الله وجهود المخلصين الشرفاء من أبناء هذه الأمة التي جعلها الله وجعل نبيها الصادق الأمين محمد بن عبد الله ص رحمة للعالمين . لقد بلغ بكم الأمر إن نفوسكم الصغيرة باتت تنتظر على أحر من الجمر لكي يضرب العدو الصهيوني هذا البلد المسلم أو ذاك وأنا لاأدافع عن أي نظام . فإلى أي حضيض وصل بكم الأمر ؟ وهل ستنقذ الأساطيل الغربية التي يحتمي بها ولاة أموركم أيها الوعاظ الطائفيون الناعقون من نار الفتنة التي تسعون مجتمعين لإشعالها .؟ أقول كلا وألف كلا وإن غدا لناظره قريب.بسم الله الرحمن الرحيم :ليَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَالأنفال -.37جعفر المهاجر.25 رجب 1434ه5/6/2013م.
https://telegram.me/buratha