حيدر حسين الاسدي
كثيراً ما نلوم الزمان ونحمله أوزار وأخطاء ارتكبناها ونبرأ بشتى الطرق أنفسنا من كل الخطايا والأفعال السيئة التي نعملها في مسيرة حياتنا ، التي تعود علينا وعلى مجتمعنا وأمتنا بالسوء ، ألا ان واقع الحال يقول دوماً بأننا "نعيب زمـانـنا والــعــيب فــينـا ..... ومــا لـزمانـنا عيــب ســــــوانا".أن الزمان هو نفس الزمان والمكان هو نفسه إلا إن ما تغير في واقعنا هي النفوس التي تخالطت وتزاوجت مع الشيطان لتتناسى روح الإسلام ومعاني الإخوة وأقبلت على الدنيا بشغف كأن وراءها الطوفان لتسحق بأقدامها قيم ومبادئ وأعراف وتترك بني جلدتها بلا مسوغ وعنوان.يتساءل البعض من قرائنا ما حدا الى ما بدا وما هو المتغير لنكتب وننتقد واقعنا ، فنقول ان الواقع يعكس حياة الغاب وصراع الوحوش في مجتمع يدعي المدنية والتحضر والانفتاح مجتمع يتباهى على أقوام سبقته في الحياة انه أكثر رقياً وتطوراً ، لكن حقيقة الأمر تعاكس ذلك ، وتعطي مصداقاً واقعياً بأن علاقة التطور مع الإنسانية علاقة عكسية متنافرة لا تلتقي الا ما ندر ، فكلما تقدمت الحياة وتنوعت التكنولوجيا وتزاحم التطور أنسلخ أبنُ أدم من إنسانيته وتحول الى كاسر لا يحدد شهواته ولذاته حد ولا يردعه خشية من الله تعالى ودين ومبدأ ، فظهرت الأقوام المتناحرة والمِلل المتباعدة والصراعات الاثنية وأصبحت هذه الدنيا بما رحبت على المؤمنين والملتزمين والمتمسكين بإنسانيتهم موحشة لا يستطيعون التعامل معها . ولكي استطيع ان اقرب الفكرة وأعطي للموضوع حقه سأتناول واقع مجتمعنا وما يعيشه وهو يتحول ويتحرك بالاتجاه السلبي من مساره ، اذ يعيش العراق أزمة في التعايش السلمي بين مكوناته بل ربما الحقيقة أسوأ أذا قلنا انه يتفتت حتى في داخل الطبقة الواحدة والفئة المتقاربة كيف ونحن نشاهد التشتت والصراع قريب جداً من الأخوة والأصدقاء فتحولت كلمتنا ورأينا الى سراب لا نبلغه ، وأصبحت قوتنا وهيبتنا تأريخاً نستذكره بحسرة بحيث ضاعت الوحدة وتفرقت الجماعة وتحول عدونا الى سلطان يتحكم في مقدراتنا ، ليكون حولنا وبيننا وداخلنا يسير حياتنا وتعاملاتنا ويطبق أيدلوجياته فينا .وهنا قد يعترضني البعض ويلقي الحجة بأن السياسة والإرادة أقوى منه واكبر من طاقته فلذلك تتحكم فيه وتسيطر عليه وهو ضعيف غير قادر على التصدي لها ، لكن واقع الحال وعمق المسؤولية يحتم عليه ان يلتفت حوله ويشخص ما له وما عليه وما مدى مسؤولياته وكيف يستطيع ان ينجح فيها ولعل اقرب الامور وأهمها هو ان نبدأ من النفس ونصلح ما فيها من ترسبات وشوائب ونعلن الجهاد الأكبر ضدها فهي حجر الأساس لكل تغيير ، ولنلتفت بالتربية والكلمة الصالحة والمقولة الحكيمة لمن حولنا من أبنائنا الذين ينظرون لنا ويحتاجون نصحنا ورشدنا ويتأملون الخير منا ، لان الحياة الحاضرة أبعدتنا عنهم وجعلت علاقاتنا سطحية ومصلحيه لا تقترب لمستوى الأبوة ولا تنسجم مع مبدأ الأسرة فهي علاقة نقيض وتصارع تتنافر فيها العقول والأبدان لتنتج أزمات اجتماعية يبدأ منها انهيار المجتمع بأكمله.ان أجراس الإنذار انطلقت تحذر من هذه الكارثة لكن أذاننا ما زالت صماء عن سماعها وعقولنا بعيدة عن حلها تاركين الأمور على علاتها لعل الزمان كفيل بحلها ، هيهات ان يكون الزمان منقذاً ونحن جامدون لا نحرك ساكناً "ونـــهـجـو ذا الـزمان بغير ذنـب ..... ولــــو نــطق الــزمان لنا هجانا"
https://telegram.me/buratha