حسن الهاشمي
إنما الدين النصيحة، تنصح أخاك في أعمال البر والإحسان والتقوى، وتنصحه بترك الموبقات والخرافات والميول الشيطانية، وإطلاق النصيحة تكون بمثابة اللقاح الطيب عندما يتقاذفها الهواء ذات اليمين وذات الشمال فترى الأشجار الطيبة تستفيد منها طيبا وعطرا وثمارا متنوعة، والأشجار الخبيثة تستغيث منها حنظلا وخبثا وطلعا للشياطين.الإنسان إنما يكون صالحاَ إذا عرف الحق وعمل به وقد ورد ذكر الحق كثيراً في الآيات والروايات ومن ذلك سورة العصر المباركة فهي تبين لنا إن الإنسان يكون في خسر ما لم تتوفر فيه أربعة أمور، الإيمان، العمل الصالح، التواصي بالحق، التواصي بالصبر.إذن على المؤمن أن يعمل بالصالحات وبما ينفع نفسه ومجتمعه فإن هذا هو الزاد الذي يمكث في الأرض وهو الفرع الواصل إلى السماء وأما الزبد والباطل يذهب ويتلاشى ولا بقاء له والفوز الحقيقي إنما يكون مع كل طاعة إلهية طبقا لما جاء في الأثر(( وأسعدني بتقواك ولا تشقني بمعصيتك)).ولا يخفى إن الوصول إلى المجتمع الإيماني الذي له أثر كبير في تغيير واقع المجتمع حيث إن من القوانين الإلهية : إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وكيف ما تكونوا يولى عليكم، إذن لابد أن يغير العباد أعمالهم حتى يأتي التغيير الإلهي والوصول إلى ذلك المجتمع الريادي، فلابد من إصلاح النفس وإيقاد مصباح الضياء فيها بدل الظلام ولا يكون ذلك إلا بالصالحات والنصيحة والتواصي بالحق والصبر. نجد عادة اليوم إن الشخص يكون عزه بالعشيرة وهيبته بالمنصب والسلطنة بغض النظر عن طاعة الله ومعصيته ولكن النصوص الشرعية تؤكد إن من أراد أن يكون عزيزاَ ومقتدراً ومحبوباً عند الله تعالى ولدى الناس ويحصل على الخير كله من دون عشيرة ولا سلطان، عليه بلباس التقوى وطاعة الله سبحانه فذلك هو الفوز العظيم.إن عز الإنسان لا يحصل من خلال المال أو العشيرة أو حتى العلم.... فإن العلم قد يكون موجوداً وإذا خلا من التقوى يكون وبالاً وحجة على صاحبه بل إن هناك من يصنع بعمله قنبلة يضرب بها مدينة فيقتل أهلها، إن العلم والمال والجاه أمور زائلة لا بقاء لها وما يبقى معه هو زاد التقوى والعمل الصالح، والتقوى هي أن يواظب الإنسان على حفظ نفسه من المعاصي ويلتزم بالواجبات، والوصية بالتقوى هي الوصية المهمة من الله تعالى لنا ولمن كان قبلنا من الأمم، والعامل المساعد على التقوى هو أن يعرف المكلف إن الله سبحانه خلقنا للاختبار والامتحان في هذه الدنيا مهما طالت أعمارنا فيها ((خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً)) فهذه دار فناء وامتحان وآخرها الموت والحفرة الضيقة المظلمة التي لو أوسعت يدا حافرها لأضغطها الحجر والمدر ولسد فرجها التراب المتراكم.فبالتقوى والتواصي بالحق نحصن المسؤول من الأخطاء والانزلاق نحو الدنيا الفانية، وبالتقوى نرشد عمل القاضي بأن تكون بوصلة حكمه وقضائه العدل والقسط بعيدا عن الإغراءات المادية، وبالتقوى يستقيم عمل البرلماني والحكومي والعسكري بأن يوفر سبل الراحة والأمن للمواطن ويغلب مصلحة الأمة على مصالحه الشخصية والحزبية، وأخيرا وليس آخرا وبما أن التقوى هي مخافة الله تعالى فإنها خير رقيب للعمل الصالح الذي ينفع البشرية ويدفع بها نحو الرقي والتطور، إنما التقوى عمل دؤوب وليس ادعاء ولقلقة لسان.
https://telegram.me/buratha