بعد سنوات ألأحزان التي المت بالعراقيين,وبعد أن أثقلت جبال الهموم كواهلهم.وبعد ظلال السنين وعتمة العمر,لم يعودوا يثقون بعد بسلاطينهم وولاة أمورهم..فراحوا يستحضرون الماضي ويستعيدون نقاوة قلوب آباءهم وأمهاتهم.ليشتشبثوا بألأئمة والصالحين متوسلين الله أن يتقبل تضرعاتهم وأدعيتهم عسى أن يأذن بزوال الغمة وانفتاح السماوات بالرحمة والعفو والمغفرة..
لقد عم الرعب والهلع الغالب الأعم من ابناء العراق.وأستنبتت بعض هواجس اليأس واللاجدوى من هذه الحياة التي اشتدت مرارتها في هذا البلد العجيب الغريب.ففقد ناسه الأحساس بوجود بارقة أمل للخلاص من الظلم وطغيان الأنسان لأخيه الأنسان.بسبب غزو الشياطين للأرواح التي خلا الكثير منها من ملائكة الرحمن.بعد أن انفرطت قيم ومعاييرومقاييس وحتى عقائد مزقت نسيج الحياة لتكون أعظم فرصة لغزو الشياطين وأحتلال القلوب وذبح الرحمة فيها..
بقي العراقيون هائمون بوجه القدر..هلعون..خائفون..مرتعشون..وكأن لم يبقى ليوم القيامة سوى أيام..فهاهي الرؤوس تقطع وتلقى عند بيبان البيوت عند طلوع الشمس مع فطور الصباح..وهاهي الأجساد تمزق شر ممزق وترسل الى ذويها كرسالة تهنئة..وفي المساءات يتشرب الناس رعبا يتجرعونه رغما عنهم في ألأسواق والمحلات والأزقة..حتى صار الموت ضيفا دائما ثقيلا يدخل عنوة وقسرا.أما ولاة ألأمورفلم يكن بيدهم شيء سوى التأسي والأستنكارشفاها أو كتابة يطلقونها من على شاشات التلفزة الأنيقة البراقة..ولا أدري...هل يعلم اولئك الولاة أن أستنكاراتهم تلك انما تغيض الناس وتزيد من غضبهم عليهم؟..
فقد الناس الثقة بكل شيء.وغابت المصداقية بين الراعي والرعية.وكأن أولئك ((الرعيان)) صاروا هائمون لايعرفون ماذا يفعلون سوى الأستنكار. فأضطروا الرعية أن يتوجهوا الى الخالق ..يتوسلوه..يتضرعوه..ولأن الرعية بدأت تشك حتى في أيمانها فالتجأت الى الذين كرمهم الله وأنعم عليهم بالخلود الروحي والمعنوي.فأنهم يرون في احفاد الأنبياء وأبناء الأولياء والصالحين رغم أنهم ماتوا قبل آلاف السنين خير من يهون عليهم عذاب نفوسهم وشقاء ارواحهم.
لم ينقطع حبل الأعتقاد للعراقيين بالأئمة كونهم شفعاءهم,فهي فطرة وجبلة توارثوها من ألأجداد والآباء.يلجأون اليهم كلما أشتد ظلم الدنيا بهم وكلما طغى السلاطين وكلما تعاظمت المحن والمصائب من كوارث وأمراض وتهديد وخوف.
بقي العراقيون يكظمون صبرهم وغيضهم طيلة سني أعمارهم التي ضيعتها رغبات الحكام والملوك والسلاطين والزعماء وفقه المتدينين وتكفيرهم وحلالهم ..وعندما كانت تلك كلها تزول بزوال مدعيها ودعاتها.أكتشف العراقيون وبعقيدة راسخة متجذرة أن خير من يحقق أنسانيتهم ويؤهلهم لخوض غمار الحياة الدنيا للفوز بالحياة الآخرة,هو التمسك بحبل الأيمان بأحقية أمامة آل البيت المحمدي الطاهر.وهكذا التصق صبر العراقيين منذ آلاف السنين وعبر عهود الظلم والجبروت بالوجود المعنوي لأهل بيت محمد الأطهار.
هاهي الحشود المليونية تتوجه لزيارة مرقد الأمام موسى بن جعفر عليهم السلام في الكاظمية.يتوجهون بكل يقين وبنقاء روحي لزيارة قبره رغم علمهم بأنه قد استشهد قبل قرون اندرست.إلا انهم يرونه وكأنه لم يزل حيا يستقبلهم ويرحب بهم.انهم يذهبون نحو (المعنى) نحو الوجود الروحي المجرد من الماديات ليتلذذوا باللانهائية والسرمدية..يذهبون بشوق عارم .والصادق فيهم هو الذي عندما تسأله عن غاية زيارته يقف صامتا ليكون أكبر من الجواب
https://telegram.me/buratha