عباس المرياني
تغيرت الأجواء السياسية تغيرا ملحوظا باتجاه الأفضل بعد الاجتماع الرمزي الذي عقد بدعوة من صاحب الضيافة زعيم المجلس الأعلى السيد عمار الحكيم قبل ايام واثر بشكل مباشر على طبيعة الأوضاع الأمنية والسياسية حيث تراجع مستوى العنف الدموي بشكل كبير وهدأت نفسيات القادة السياسيين ممن كانوا على قطيعة فيما بينهم ومن قبل كانوا يطلقون التصريحات النارية كأنهم صبية يتلاعبون بالكرة دون هدف حتى كادت هذه التصريحات ان ترسل العراق الى حافات الهاوية والى منزلقات خطيرة ووصلت درجات الخوف من الحرب الأهلية الى معدلات تفوق درجات زلزال اليابان وتفجيرات هيروشيما.ألا ان هذه الأوضاع تغيرت وبدا الإعلام يكتب عن زوال الغمة عن هذه الامة وهذا الامل الذي بزغ نوره جاء كله بجلسة رمزية واحدة وبكلمات معبرة وصادقة ونفوس صافية لديها الرغبة في التفاهم والتلاقح والتعاون.ويبدوا ان حمى القبلات واللقاءات لم تتوقف في محطات بغداد بل تجاوزتها الى اقليم كردستان فما ان حط رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي رحاله في اربيل والتقى زعيم اقليم كردستان السيد مسعود بارزاني وبأقل من ساعتين حتى تغيرت العبارات التي كانت تهدد بالانفصال والحرب والتنابز والتعاير الى كلمات محبة وإخوة وتعايش ووحدة مصير ونظام فيدرالي وديمقراطي وتأكيدات على ثوابت الالتزام بالدستور والاتفاقات الموقعة بل ان كلمات الود والترحيب والإخوة تجاوزت حدود التعامل الدبلوماسي الى جمل ودودة واخوية تبعث في النفس الاطمئنان وتزيل غوائل الحقد والكراهية التي زرعتها التصريحات النارية والحاقدة من هذا الطرف او ذلك فجاءت الابتسامات العريضة باروع ما تكون بعد صفاء النية ليكون ابو مسرور هو من بدا أبواب إعادة الثقة والتقدير وليبادله أبو إسراء بما هو حق الإخوة والأبوة.وبقدر الفرح والسرور الذي انبعث في النفوس بعد لقاء ابو مسرور وابو إسراء الا ان الغصة والألم تكاد تقطع الأنفاس لان حدوث القطيعة والتناحر وغلق الأبواب والتهديد والتهديد المباشر يمثل اخر مراحل الإنسانية بل ان هذه المفردات هي اقرب الى الهمجية وحكم الغاب ومثل هذه التصرفات يفترض ان لا تحدث ابدا بين الإخوة الأشقاء لان المشتركات كثيرة ولا يمكن ان تنتهي او تزول بقطيعة او بتصريح من هنا وهناك وما يحز في النفس هو ان الحل بسيط جدا الا ان العزة بالإثم والتمسك بالخطيئة والجهل يتغلبان في كثير من الاحيان على الصفات الإنسانية ،هل ان السيد المالكي كان سيخسر شيئا لو انه ركب طائرته ولا اقول دابته "اجلكم الله" وتوجه الى اقليم كردستان منذ الساعات الأولى للخلاف وكذلك يفعل السيد ابو مسرور ...الجواب بكل تأكيد ان هذه الزيارات كانت ستعالج المشاكل وتحل العقد وتمضي بالبلاد الى الامام.لقد جرب قادة البلد كل وصفات التقاطع والتنابز والاختلاف حتى كادوا يدخلون العراق في اتون حرب طائفية تقود البلاد الى تقسيم وتقطيع أوصاله وتشتيت شمل العائلة الواحدة وجربوا بعد ذلك اللقاء والتواصل والتحابب ووجدوا أنها أفضل وصفة لعلاج كل العلل والأمراض التي تصيب الجسد العراقي.سؤال بريء جدا ..لماذا يسعى السياسيين الى الخلاف وهم يعلمون جيدا انه سبب كل الاثام التي تصيب البلد ويبذلون من اجل هذه الآثام الكثير من الجهد والمال بينما لا يحتاج حل هذه الخلافات الا الى ابتسامة وكلمة صادقة وقبلة حقيقية لكن هذا الحل يأتي متأخر دائما.حقيقة..ان جميع أطروحات السيد عمار الحكيم أطروحات واقعية وتكمن فيها الحلول لكن المؤسف ان رجال الدولة وأصحاب الشأن لا يعترفون بهذه الواقعية الا بعد فوات الأوان والأمثلة كثيرة.
https://telegram.me/buratha