عبد الكاظم حسن الجابري
بعد تصرم الايام التي تلك الانتخابات المحلية الاخيرة في العراق واعلان النتائج النهائية ومعرفة كل مكون وكتلة عدد مقاعده في كل محافظة , اتجهت الكتل الى الدخول في مفاوضات مع الاطراف التي تعتقد بقرب مشروعها من المشروع الذي تتبناه تلك الكتل .وصار هاجس المواطن أن تُفْضِي التحالفات الى تشكيل إئتلافات قوية تملك من المقومات والامكانيات ما يمكنها من تقديم افضل الخدمات وانجاز المشاريع بأسرع وقت والاخذ بيد المحافظات نحو الافضل والاحسن .واستبشر المواطن الخير حين الاعلان عن تشكيل الائتلاف بين دولة القانون وكتلة المواطن مع اشراك التيار الصدري في تشكيل الحكومات المحلية , وكان لقاء الحكيم والمالكي باعث على الارتياح والامل في تشكيل تحالف ينعش حركة التقدم ويعجل في رُقِي تلك المحافظات .ومنذ الاعلان عن هذا التحالف كان الهاجس الأكبر والخوف هو هل أن السيد المالكي سيفي بالتزامه ولا ينكث العهد والميثاق , فالرجل عرفه الناس بدخوله في اكثر من تحالف واتفاق مع اكثر من طرف لكنه في اغلبها ان لم تكن كلها لم يفي لحلفائه , وساورنا هذا الشك والقلق وكنا نَرْقُب يوما بعد يوم ما سيؤول اليه هذا التحالف , ونتطلع لنرى نتائجه على ارض الواقع بتشكيل الحكومات المحلية .وبعد الاعلان عن المصادقة النهائية للانتخابات بعد حسم الطعون , صار لزاما ــ حسب القانون ــ على المحافظين أن يدعو الاعضاء الفائزين الجدد للاجتماع وان تكون هذه الدعوة خلال خمسة عشر يوماً . ولكن ومع قرب انتهاء المدة القانونية نتفاجأ بقرار السيد المالكي بالانسحاب من التحالف مع كتلة المواطن , هذا القرار المفاجئ اربك المشهد في المحافظات , فبعد أن كان الامر محسوم وكل كتلة تعرف مالها وما عليها تفاجئ الجميع بتحول الصورة الصافية هذه الى صورة ضبابية تشوبها العتمة احياناً , فتوقيت هذا الانسحاب جعل الكتل في عنق الزجاجة وكيف لا وهي لم ترسم في خريطتها نوع وشكل هذه التحالفات , لذا كان قرار قيادات الكتل بالتخلي عن الاتفاقات المركزية واعطاء الصلاحية للكتل الفائزة في كل محافظة لتشكيل تحالفات محلية .ولو تطرقنا بشيء من التحليل لموقف المالكي هذا وهو المعتاد على نقض العهود لوقفنا امام قراءات في عدة محاور واهمها :1- توقيت الانسحاب يربك المشهد ويربك الكتل الفائزة مما يجعلها تدخل في تحالفات ارتجالية وسريعة مع انقضاء المدة القانونية لتشكيل المحافظات مما ينتج عنه تشكيل حكومات محلية ضعيفة تعطي صورة سلبية عن الكتل الفائزة .2- تسقيط الكتل الاخرى من خلال تصوير تلك الكتل على انها تطالب بسقف مطالب عالي وهمها فقط المناصب دون التفكير في خدمة المواطن مما ينعكس على شعبيتها وسيسخر المالكي كل امكانياته الاعلامية لنشر هذه الصورة وهذه الانطباعات .3- سيعمد السيد المالكي بصفته رئيس الحكومة في اعاقة المشاريع والميزانيات المخصصة للمحافظات التي لا يكون هو وائتلافه شريكا فيها الامر الذي سينعكس سلبا على سمعة الكتل المشكلة لمجالس المحافظات , وسيكون هذا الامر تمهيدا للانتخابات البرلمانية المقبلة العام القادم .4- إعطاء محافظة النجف للمحافظ السابق عدنان الزرفي يؤشر على رغبة المالكي محاصره المرجعية الدينية في عقر دارها لما نعلمه من علاقة غير طيبة بين السيد الزرفي والمرجعية وعدم رضاها عن اداء الزرفي , وشخصيا اتمنى ان يتنبه السيد عدنان الزرفي لهذا الامر ويعيد حساباته في علاقته مع المرجعية وان لا يكون وسيلة لتحقيق رغبات المالكي في التقليل من دور المرجعية الدينية ورايها بالعملية السياسية . ومن خلال ما اوضحنا في ما سبق نستنتج بأن دخول السيد المالكي في التحالف مع الحكيم كان بنية غير سليمة بل بنية قائمة على استغلال الوقت والضرب في اللحظات الاخيرة لإرباك اوراق الكتل السياسية ليجعلها تعيش حالة التخبط وتشتيت الرؤى , محاولا افشالها محليا .واخيرا لابد أن نذكر هنا ونشيد بدور السيد عمار الحكيم وردة فعله حول انسحاب السيد المالكي , فما سمعناه منه كلام كله ينسجم مع المصلحة الوطنية وعدم استغلال الانسحاب لتسقيط الاخرين , كذلك جعل حبل الود والوصال ممدود مع دولة القانون والسيد المالكي , وما تصرف السيد الحكيم هذا الا ناتج عن شعوره بالمسؤولية ودرايته بان المشهد العراقي غير مستعد للدخول في مهاترات سياسية وسجالات لا تزيد المشهد الا تعقيدا .
عبد الكاظم حسن الجابري
https://telegram.me/buratha