ابو هاني الشمري
العالم الجليل والفقيه المجتهد الشيخ احمد بن فهد الحلي قدس سره (756 هـ - 841 هـ)لم اعرفه ولم اقرأ عن سيرته سابقا ولم اتشرف بزيارة مرقده الشريف إلاّ قبل ثلاثة اشهر مضت حينما جئت الى العراق عبر مطار النجف وكانت معي امانة لأحد الشيوخ جلبتها معي في سفرتي تلك. رغم زيارتي السريعة لمرقده والتشرف بها فقد انتابني الفضول في معرفة صاحب هذا المرقد الشريف الذي يقع في شارع القبلة بمدينة كربلاء قريبا من مرقد سيد الشهداء عليه السلام. فذهبت ابحث عن سيرته. توقفت طويلاً حينما قرأت عنه هذه العبارة التي تشرح نموذج الخلق العالي والادب الجم الذي يتحلى به هذا العالم الجليل. تقول العبارة (وكان من شدة تأدبه ورعايته لحرمة كربلاء المقدسة أنه كان يجمع فضولاته في كيس ويأخذ بها خارج مدينة كربلاء بمسافة طويلة حفاظاً على طهارةِ تربةٍ دُفِنَ فيها الإمام الحسين عليه السلام)وأنا اقارن ما يفعله اتباع اهل البيت من الشيعة حينما يذهبون لزيارة العتبات المقدسة ليتركوا خلفهم تلالاً من النفايات بل ان بعضهم يرمي ما يحمله من مخلفات في الطريق مباشرة غير آبه لأدبٍ ولا دينٍ يتدينُ به. فقبل عدة ايام جرت مراسم زيارة الامام موسى الكاظم عليه السلام في بغداد وترك الزوار ورائهم عشرات الاطنان من النفايات التي تملأ الشوارع والساحات والحدائق والازقة ... وتاركين ورائهم تساؤلاً كبيرا عن نوع المحبة التي يحملونها لأئمتهم. فهل محبتكم لامام معصوم وتشرفكم بهِ ان يكون شفيعاً لكم يوم القيامة هي ان تتركوا مدينته ومكان مرقده الشريف بهذا الشكل المخجل الذي لا ينبع عن ادب ولا محبة.العالم الجليل (الشيخ احمد الحلي) اوقف بستانه وارضه وحتى القبر الذي فيه مرقده هذا اليوم من اجل زوار الحسين عليه السلام ... ويذكر المؤرخون أن بستانه وبيته كان مأوىً للزائرين:يقول محمد حرز الدين في كتابه مراقد المعارف (وفي سنة 1329 هـ دخلنا مرقده لقراءة الفاتحة ـ كما هي عادتنا في كل عام نأتي لزيارة الحسين عليه السلام في النصف من شعبان ـ فوجدناه على سعته مكتضاً بالزائرين حتى في بستانه الوقف الذي كانت الزوار تقيم فيه أيام الصيف ، والمعروف والمشهور انه رحمه الله تعالى وقف داره التي فيها جدثه (قبره) على أنْ تكون قبراً ومزاراً له ، ومأوى للزائرين الضيوف ، وكذا البستان المحيطة بداره وقبره ، المعروفة ببستان ابن فهد الحلي هي وقف عليه).هذا واحد من كبار علماء الشيعة ومراجعها درس على يده العشرات من العلماء الذين صار بعضهم مراجع كبار وله العشرات من المؤلفات وله العديد من الكرامات وله العديد من المناظرات الجليلة مع اصحاب المذاهب الاخرى حتى تشيع على يده أمير العراق آنذاك (سبان بن قرا يوسف) بعد سقوط الدولة الجلائرية.يروي احد المؤمنين انه رأى العلامة المجلسي قدس سره وبجانبه جميع علماء الشيعة ولكنه لم يرَ الشيخ احمد الحلي معهم فسأل عنه فقالوا انه ليس في زمرة العلماء فقد حشر في زمرة الانبياء عليهم السلام.عالم جليل كالشيخ احمد الحلي وهو يتعامل مع النفايات والمخلفات بالطريقة التي ذُكِرَت آنفاً (يأخذها بعيداً عن مدينة كربلاء ليدفنها في الصحراء احتراماً لمرقد الامام (ع))أليس حري بنا أن نتعلم من خلقهُ قليلا لنعكسه على واقعنا المتردي وخصوصا في الزيارات لكي لا نرمي المخلفات اينما نشاء ... على الاقل نضعها في اماكنها المخصصة لها لنسهل على العمال امر جمعها وهي جزء من اماطة الاذى عن الطريق ... أليس هو أمر سهل التنفيذ ايها المؤمنون المحبون, فلماذا لا نطبقه؟!!!.
https://telegram.me/buratha