سالف سكلاف
هناك خارطة سياسية واضحة تم رسمها منذ العام 2003 وتحديداً بعد سقوط النظام صدام الطائفي, اعتمدت هذه الخارطة على ثلاثة محاور رئيسية لضمان توازن العملية السياسية الوليدة في العراق الجديد, المحور الأول هو الكيان الشيعي وكان ممثلاً بالائتلاف العراقي الموحد الذي ضم بين جوانحه القوى الشيعية بمختلف مرجعياتها(حزب الدعوة بشقيه والمجلس الأعلى وحزب الفضيلة والتيار الصدري) إضافة إلى ممثلين عن الأقليات مثل الشبك والتركمان, المحاور الأخرى ممثلة بالكيان السني والكيان الكردي, وما يهمنا في موضوع بحثنا هذا هو الكيان الشيعي ووحدة تحالفاته والتي كانت ممثلة بالائتلاف العراقي الموحد كما أسلفنا سابقاً, والذي كان يمثل الطيف الشيعي في العراق ككل على الرغم من الاختلافات التي كانت سائدة آنذاك بين مختلق القوى المنضوية تحت هذا الائتلاف والتي وصلت الى درجة المواجهات المسلحة, إلا إن وجود شخصيات قوية تمتلك الرؤيا الواضحة وتحضى بمقبولية لدى كل الأطراف جعلت من الائتلاف خطاً احمر لايحق لأحد تجاوزه, كانت بدايته مع السيد محمد باقر الحكيم(قدس سره) ومن ثم السيد عبد العزيز الحكيم(رضوان الله عليه),حتى استحكم الأمر أخيراً الى دولة رئيس الوزراء نوري المالكي بعد اعاده انتخابه في عام 2009 بسبب عدد المقاعد التي حصل عليها في مجلس النواب.وبغض النظر عن الأحداث التي رافقت تولي الأستاذ نوري المالكي لرئاسة الحكومة العراقية والتي بدأت من اختيار المالكي بديلاً للجعفري كحل وسط وانتهاءاً بتمثيله لشخصية المختار!, وبين هاتين المرحلتين انقسم الائتلاف الموحد بل انه انهار وتلاشى في النسيان ليظهر كيان مشوه سُمي "دولة القانون" والتي تضم بين جوانحها حزب الدعوة وشخصيات بعثية أٌطلق عليها وطنية ومتملقين من هذا الحزب وذاك لإرضاء من بيده السلطة.وبعد كل الذي ذكرناه حاول المالكي أن يجعل من دولة القانون بديلاً للائتلاف الموحد وللتحالف الوطني ليكون ممثلاً وحيداً للشيعة,ودلالات هذا الأمر واضحة للعيان في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة والتي دخلت اغلب القوى السياسية في التحالف الوطني تحت مُسمى"دولة القانون" باستثناء التيار الصدري بقيادة السيد مقتدى الصدر و المجلس الأعلى ممثلاُ بقيادة السيد عمار الحكيم.لتبدأ بعد هذه الانتخابات(مجالس المحافظات) تحالفات بين مختلف القوى السياسية لتشكيل مجالس تلك المحافظات وليكون باكورة هذا التحالفات ميثاق شرف تم توقيعه بين اكبر الكتل الفائزة في الانتخابات(كتلة المواطن وكتلة دولة القانون) ومن ثمَّ انضم إلى هذا التحالف التيار الصدري كحليف ثالث بدرجة اقل من المواطن ودولة القانون.وبعد توقيع مواثيق الشرف بين الأطراف الثلاثة بدأت دولة القانون بالمماطلة في اختيار محافظ النجف والذي تم الاتفاق عليه من قبل التحالف حيث كان مقرراً أن يكون من كتلة المواطن, وتسويف ذلك من خلال رفض مساندة مرشح المجلس الأعلى إلا من خلال التصويت لأعضاء دولة القانون فقط(أي إنهم مسئولون عن أصوات كتلة المالكي الحقيقية لا غير) وبالعربي الفصيح إن المالكي لا يضمن حزب الفضيلة او منظمة بدر او تيار الإصلاح للدكتور الجعفري, يضاف إلى ذلك رفض المالكي مرشح المجلس الأعلى(الأستاذ عبد الحسين عبطان) لمحافظة النجف الاشرف, وصولاً إلى افتعال مشكلة في محافظة ميسان والتي تم الاتفاق عليها أيضاً لتكون من حصة التيار الصدري لكن المالكي رفض ترشيح المحافظ الحالي علي دواي رغم مقبوليته,وبعد مد وجزر انهار التحالف بين السيد عمار الحكيم والسيد مقتدى الصدر من جهة والمالكي من جهة أخرى أفضت الى إفلاس دولة القانون من أي تحالف يذكر لعدم مقبوليتها سياسياً وانعدام الثقة بالمالكي وحزبه.وبعد كل هذه الأحداث عاد المالكي من جديد ليهاجم المجلس الأعلى والتيار الصدري لتحالفهم مع كتلة متحدون برئاسة النجيفي, ووصفهم بأنهم خونه لأنهم نقضوا ميثاق الشرف وتحالفوا مع عدو الشيعة(المقصود كتلة متحدون), هنا أريد أن ارجع بالزمن إلى الوراء قليلاً واطرح سؤالاً من صوت على النجيفي في البرلمان ومن استثنى الدكتور صالح المطلك من اجتثاث البعث وجعله نائب رئيس الوزراء بين ليلة وضحاها.ومن عاب على السيد عمار الحكيم ذهابه إلى إقليم كردستان حتى تم وصفه من قبل الأبواق الإعلامية لدولة القانون بأنه خذل الشيعة, ولكن ما تم تحريمه على غيركم فهو جائز لمختار عصركم, فحلال المالكي حلال إلى يوم والقيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة !!!.
https://telegram.me/buratha