حافظ آل بشارة
موجة جديدة من عمليات القتل العشوائي تخيم على بغداد وديالى وكركوك والموصل والرمادي تمر كأنها اخبار عادية ، كأخبار مباريات كرة القدم او اخبار المهرجانات الغنائية ، اغلب وسائل الاعلام تتحدث عن مواضيع أخرى ، مجالس المحافظات الجديدة ، الانتخابات المقبلة ، زيارة الحكومة الى اربيل ، اكاذيب وزارة الكهرباء ، الزراعة الصيفية ، الامتحانات الوزارية ، تفشي مرض القولون ، زيت الخروع لاطالة الشعر ، طبخة السمك بعصير الليمون ، هذا نبض الحياة اليومي في بلد بلا دولة ، حياة عزلاء في قفص الارهاب المدجج بالموت ، تطور القتل العشوائي من المفخخات والعبوات الى صولات عسكرية على نقاط السيطرة في وضح النهار ، سيطرات وهمية تذبح المسافرين في الطرقات ، اصبح هدف المفخخات كميا ، اي قتل اكبر عدد ممكن من الناس دون النظر الى المستهدف من هو وما هي جريمته ولماذا يقتل ؟ تعب المستنكرون الرسميون فسكتوا ، هذا الكابوس له معنى واحد هو اننا بلد بلا دولة ولا سلطة ولا سيادة ولا حياة ، بلد احتلته العصابات الارهابية ، كان بعض العقلاء يحذرون من الوصول الى هذا المنحدر الأمني المرعب ، وهم اشبه ما يكونون بواعظ من الابرار يلقي خطابا في حرمة الخمر على قوم سكارى يرقصون بجنون على ايقاع طبل لا يهدأ ، اؤلئك العقلاء قالوا (لاءاتهم) المعروفة وكرروها حتى حفظها الاطفال ، قالوا (لاءاتهم) الناهية الشهيرة : - لا تتركوا مواقع الوزراء الأمنيين شاغرة وتجعلوها بالوكالة ، فهذه دماء بشر ومستقبل أمة ، - لا تهملوا الاستخبارات العسكرية والأمنية التي هدفها منع الجريمة قبل وقوعها ، - لا تسلموا العسكر السابقين مواقع امنية مهمة فهم ان لم يكونوا اقل اخلاصا فهم اقل حماسا ، - لا تهمشوا ، لا تظلموا ، لا تستبعدوا اخوانكم المجاهدين من ابطال المقاومة القدامى بل سلموهم الملف الأمني في البلد وثقوا باخلاصهم وكفاءتهم ، - لا تتهاونوا في الفساد القائم في القوات المسلحة وعالجوا ظاهرة انقطاع المنتسب مقابل نصف راتبه يعطيه لآمريه ، - لا تتهاونوا في متابعة الآمرين والمراتب وابعثوا رقيبا ليرى كيف يخرج بعض صغار ضباطكم فجرا مع صوت الآذان من الملاهي البغدادية سكارى يترنحون وكل منهم يتكئ على كتف مومس ، اين مروءة العسكر ؟ - لا تتركوا جهدكم الأمني مبعثرا بلا استراتيجية متكاملة تشترك فيها اعتبارات العسكر والسياسة والاقتصاد والتكنلوجيا وادارة الموارد البشرية ، - لا تتركوا القوات المسلحة بلا اعداد عقيدي ووطني ومهني ونفسي متواصل ، - لا تتركوا الشبكات الارهابية تخترق وحداتكم في الفوج واللواء والفرقة ومقرات القيادة والكليات العسكرية ودوائر الاركان ... حفنة (لاءات) لاتجد من يصغي لها ، السمع والبصر مؤجل الى اشعار آخر ، لذلك يظل شلال الدم متفقدا الى اشعار آخر . قال الشاعر : (وأمرتهم أمري بمنعرج اللوى / فلم يستبينوا الأمر الا ضحى الغد) .
https://telegram.me/buratha