حافظ آل بشارة
يجب ان لاتتوقف مبادرة اللقاء الرمزي التي اعلنها السيد الحكيم عند الشأن السياسي ، صحيح ان جميع الاطراف استجابت وتفاعلت ، الأيدي البيضاء دفعت بالرجال كي يتعانقوا ويفتحوا صفحات جديدة ، صحيح ان الحكومة كلها ذهبت الى اربيل وشربت القهوة الكردية ، المبادرة فتحت افقا واسعا لكل الحلول الممكنة ، يفترض ان يتواصل ساسة البلد مع المبادرة ويطوروها الى استراتيجية تصحيح شاملة ، ولكن بالتوازي مع المبادرة السياسية يأتي السؤال الحتمي : اين المبادرة الاعلامية ؟ ... الاعلام هو اللسان الناطق والمرآة ، والبشير والنذير الذي يكرر نداءه الخالد (يا قومي اتبعوا المرسلين) ، الاعلام لسان الشعب في مواجهة الحكومة ، ولسان الحكومة في مواجهة الشعب ، وبدونه يصبح الحاكم والمحكوم صما بكما ومن اصحاب الاحتياجات الخاصة ، الاعلام وسيلة الحوار الشعبي والتعارف والتلاقح ، الاعلام مصدر المعارف والمعلومات والاخبار والتحليل ، الاعلام وسيلة بناء الرأي العام وتوجيهه وتعبئة الجمهور العام ، الاعلام هو السلطة الرابعة الرقابية التي تعمل في افق يعلو على الحكومة والبرلمان ، وهذا معناه بصراحة ان سلطة الاعلام اذا بسطت هيمنتها في بلد ذي ديمقراطية غير مزيفة فهي صمام امان ، اذا تم تفعيل سلطة الاعلام فلن يصل رئيس حكومة الى ما وصله اوردغان في تركيا من (طيحان حظ) ، ولن يصل شعب الى ما وصله الشعب العراقي من شقاء ومحنة . يفترض ان يبدأ الاعلام الوطني العراقي بقطاعيه الخاص والعام وبصفته دوائر وافرادا استجابته للمبادرة الرمزية وتبني المشروع نفسه وتحويله الى التزام اعلامي معرفي تعبوي اخلاقي مهني مسؤول ، موقف يكسر حواجز الصمت تجاه المخاطر الكبرى التي تهدد البلاد والعباد ، ومع تعدد وسائل الاعلام في العراق وتعدد اهدافها ورؤاها لا يمنع ذلك من ظهور شخصية اعتبارية موحدة للاعلام العراقي ، هل من المعقول ان تنجح مجموعة دول كالاتحاد الاوربي او دول امريكا اللاتينية او دول شرق اسيا في توقيع وثائق تعاون اعلامي ولا تبادر وسائل اعلام بلد واحد لتوقيع وثيقة شرف مهني تمثل التزاما تجاه الوطن الواحد والشعب الواحد ؟ المطلوب اعلان واضح يتضمن الدعم الاعلامي للشعب والوطن وقادته المخلصين وتطلعاته المشروعة للسلام والأمن والرفاه والوحدة بشرا وترابا ، افضل تعهد يقدمه الاعلاميون لبلدهم هو اعلان الالتزام بالقواعد المهنية في عملهم ، وان لا يتحولوا الى جنود صولة في خنادق الساسة وانما تكريس سيادتهم كسلطة رابعة وقوة رقابية ولن تنشأ السلطة الرابعة الا في ظل تلك القيم المهنية العريقة وهي : الموضوعية ، الصدق ، الحياد ، الشفافية ، المواكبة ، الحقيقة ، والحضور. ثم التزامهم بالاهداف النبيلة وهي : التهدئة ، الحوار ، الحل ، الوحدة ، التقريب ، اعادة الثقة . والتزامهم بخطاب حازم يرفض : التحريض ، الاستعداء ، الطائفية ، نشر اليأس والخوف وفقدان الثقة والتسقيط السياسي الفردي والجماعي . وفي الخطاب الدفاعي لا بد من اعلان وتعهد مبدأي بمواجهة الاعلام المعادي المأجور وتفنيده ، وفضحه وملاحقته قانونيا ، وثيقة شرف بهذا المستوى تستحق التوقيع والاعلان ، وفيها يتحول الموقعون الى سلطة رابعة ، فهل من مجيب ؟
https://telegram.me/buratha