المقالات

عندما يعانق الدعاء الاباء فيجسد المقاومة والثورة

477 07:41:00 2013-06-13

* بقلم - جميل ظاهري

ما اروع الشموخ والسمو والعظمة والعزة والكرامة والاباء والتضحية والفداء والمقاومة اذا کانت كلها من صنع الايمان بالله سبحانه وتعالى وصاغتها عقيدة السماء ونهج الانبياء والأوصياء والأئمة المعصومين الهداة وأهل بيتهم الأباة عليهم السلام أجمعين لتبقى شامخة مرفوعة الرأس يشهدها التأريخ ويستشهدها ويتمسك بها المقاومون والاحرار على مر الزمان .فكان العباس بن الامام علي بن أبي طالب بن أمير المؤمنين عليهما السلام هو من أرسى صرح البطولة والتضحية والفداء والاباء بكل ما لهذه الكلمات من معان عندما قدم الغالي والنفيس وجسد مقطع الأوصال بين يدي أخيه الأمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء فداءاً لاعلاء كلمة الله عزوجل وترسيخ الحق والحقيقة وابقاء رايتها ترفرف عالية في ربوع المعمورة .وأضحت مدرسته (ع) الوضاءة منهاجاً ومشعلاً منيراً لدرب المضحين والمقاومين والمنتفضين في طريق كفاحهم الطويل والمرير مع الطغاة والفراعنة والديكتاتوريين ومساعيهم لكبح جماحهم ومطامع واجرام الظالمين والسلطويين طيلة القرون الماضية والحالية ولتبقى شوكة في عيونهم مادامت الدنيا قائمة.لقد كان العباس عليه السلام رمز البطولة والتضحية والفداء وقدوة النصر والاقدام والنجدة والولاء ومعجزة الامام علي عليه السلام لنصرة واثبات الحق الحسيني الالهي ، ومجمعاً للفضائل، وملاذاً للخصال الحسنة الشمائل وكان ذا قوة روحية هائلة، وطبيعة بنائه الجسدي تخدم قوته المعنوية والروحية.. فامتزجت فيه قوة الروح وقوة الجسد، وأضيفت إليهما النخوة الهاشمية، والشجاعة الحيدرية، والقوة الالهية، والايمان الحسيني، والأخوة الصادقة ،والطاعة والولاء، والعزة والكرامة، والحرية والرفعة .. وهو أبن خير القوم وأولهم ايماناً وسيد الوصيين وأشجعهم يقيناً وبصيرة وقوة وأفداهم بنفسه عن رسول الله (ص) أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب عليه السلام.وكان لا بد لهذه المدرسة الوضاءة أن تدوم وتستديم بمشيئة الباري سبحانه وتعالى فمهد لها الأرضية والعوامل والأسباب والأهداف وحمل عبئها الكبير سيد من السادة وإمام من أئمة الهداية والنور والدراية والبراهين الساطعة ونبراس للعلم والزهد والتقوى والمآثر السنية ألا وهو الامام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليهم السلام ومنذ اللحظة التي سقط فيها عمه المقدام أبو الفضل العباس (ع) طريح الأرض مقطع الأوصال في صحراء كربلاء يوم عاشوراء وفاءاً للاسلام المحمدي الأصيل .وقد حاكت سيرة هذا الامام العظيم (ع) سيرة الأنبياء والمرسلين، وشابههم بجميع ذاتياتهم، واتجاهاتهم، فهو كالمسيح عيسى بن مريم في زهده، وإنابته الى الله عزوجل وكالنبي أيوب في بلواه وصبره، وكالرسول محمد (صلى الله عليه وآله) في صدق عزيمته وسمو أخلاقه... ولا تحد نزعاته الخيرة وأرصدته الروحية، وحسبه أنه وحده في تأريخ هذه الدنيا، قد عرف بزين العابدين ولم يمنح لأحد هذا اللقب سواه.واقتضت الحكمة الالهية بقاء الامام علي السجاد (ع) حياً بعد ثورة كربلاء فكان الشاب الوحيد الذي نجا من المجزرة الرهيبة والفاجعة الدموية الوحشية التي حلَّت بأهل البيت (ع) كي يتمكن من نقل صورة حقيقية وواضحة وشفافة عن الحوادث والوقائع والمصائب وانتهاك الحرمات المقدسة التي جرت في الطفوف بعاشوراء الامام الحسين (ع) وما جرى فيها.ومن هنا انطلقت مسيرة الامام زين العابدين (ع) في توعية الافكار المهجورة والمضللة وبرز بكل قوة على مسرح الحياة الاسلامية كألمع مفكر وداعية وسياسي إسلامي في تخليد الثورة الحسينية حيث استطاع بمهارة فائقة أن ينهض بمهام الامامة وإدامة نهضة والده الامام الحسين (ع) حيث حقق انتصارات باهرة عبر خطبتيه اللتان ألقاهما في مجلس المجرم "ابن زياد" في الكوفة وأمام الطاغية "يزيد" في الشام والتي كان لهما الأثر البالغ في إيقاظ الأمة وتحريرها من عوامل الخوف والارهاب والانحراف والتزييف والاعلام الموهم ليروي للناس كيف أن الحقيقة قتلت عطشى في كر وبلاء وسلبت وذبحت من الوريد الى الوريد وداست الخيول صدرها بحوافرها لا ذنب لها سوى انها أرادت الاصلاح في أمة الرسول محمد (ص) والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما أمرنا بذلك الدين الاسلامي الحنيف .فعاش (ع) أقسى فترة من الفترات التي مرَّت على أئمة أهل البيت (ع) وعانى ما عانى وتحمل ما تحمل حيث عاصر بداية قمة الإنحراف الأموي بشكله الفظيع على كل المستويات خاصة الدينية منها، بأمّ عينه المِحن والبلايا والرزايا التي حلَّت بالاسلام وأهله وأسلافه الغيارى، فكافح وجاهد الانحراف والجاهلية والنفاق والاجرام الدموي القبلي الأموي عبر وسيلته النافذة والقاهرة وسيلة الدعاء التي أضحت سلاحاً نافذاً في قلوب المؤمنين والاحرار في مقارعة الظلم والجور والفرعنة والتصدي للاستعمار والاحتلال والسلطوية، وتبيين ما حل بالأمة الاسلامية بعد رحيل الرسول الأعظم (ص) وما عانى منه والده وعمه وجده الامام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليهم السلام أجمعين .ونجح الامام السجاد (ع) في ابقاء نهضة الامام الحسين (ع) حية ما بقي الدهر وبكلي شقيها "الحق المضيع والجسم المقطع" عبر وسيلة الدعاء والخطابة خاصة ما أفصح عنه في مجلسي المجرم "أبن زياد" في الكوفة والطاغية "يزيد" في الشام.. فاما الجسد المقطع فانتهت قضيته في يوم عاشوراء عندما ذبحت الحقيقة وقطعت أوصالها إرباً إربا وان بقي الجانب المأساوي له يلهب القلوب أسفا حتى قيام يوم الدين وتتجدد ذکراه کل عام .. ولکن الحق المضيع هي القضية الأکثر خلودا وبقاءا لان الامة ترى في الامام رمزا للمبدأ الحر وروحا لمحمد وعلي ذبح من الوريد الى الوريد مع اهل بيته واصحابه الابرار في سبيل الرسالة المحمدية الاصيلة .. وقدم الغالي والنفيس في سبيل اعلاء کلمة الحق کلمة الاسلام کلمة الله سبحانه وتعالى .. وأضحت مناراً لكل الأحرار والمظلومين في كل مكان ولهذا ترى الشعوب العالمية برمتها وبكل اديانها أن الامام الحسين عليه السلام منهاجا ثوريا متکاملا.. وسيبقى خالدا ما خلد الدهر.وصور التأريخ لحظة معانقة مدرسة المآثر والدعاء مع مدرسة المقاومة والاباء بأروع ما يمكن تصويره ووصفه وبكل ما للكلمة من معانٍ عندما قبل الامام علي بن الحسين زين العابدين (ع) يدي العزة والمقاومة والأباء حينما أراد أن يدفن عمه العباس (ع) في اليوم الثالث عشر من محرَّم، وحينما قبلهما قبله والده الامام الحسين (ع) في ظهيرة عاشوراء بنينوى وقد قطعت عن جسده إلى جنب الشريعة، وحينما قبلهما والدهما أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب حين ولادة العباس (ع) وبكى، لتجسد كل تلك المواقف لوحة من أروع ما نقشته الارادة الالهية لتنير درب البشرية بعيداً عن الظلم والطغيان والاضطهاد والاستعمار والاستحمار والتحجر والتطرف والجاهلية التي تعبث في أمتنا الفساد هنا وهناك .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك