حسن الهاشمي
السلام عليك يا ثار الله وابن ثأره، هذا المقطع من زيارة الإمام الحسين عليه السلام يؤكد إن الإمام إنما ضحى بالغالي والنفيس في سبيل الدين والمبدأ، ومن الطبيعي من يكون هدفه نبيل كالهدف الذي يحمله الإمام إلى الإنسانية لانتشالها من التيه والضلالة وحيرة الجهالة إلى ينابيع الحكمة والرحمة الإلهية، ومن يكون يحمل هكذا أفكار سامقة فإن الله تعالى ينصر من نصره ويأخذ ثأره ممن ظلمه على يد أوليائه الصالحين.الذي يضحى في سبيل الله بالغالي والنفيس ويضحى من أجل أن تكون كلمة لا إله إلا الله هي العليا وكلمة الكافرين هي السفلى، والذي يقول وهو في رمضاء كربلاء وفي أحلك الظروف إلهي إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى، فهدفه وتضحياته وحركاته وسكناته كلها مرهونة برضى الله تعالى، والذي لا يبالي كثرة العدو ولا عدتهم ولا بزبارج الدنيا الفانية بل لسان حاله يقول: إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني، ومن كان يحمل بين جنباته تلك الرحمة الإلهية فكان يبكي حتى أعداءه لأنهم يدخلون النار بسببه، من كان يتحمل كل تلك الصعاب وتكالب الأعداء وقلة الناصر ستحملها بالتوكل على الله وحده لا شريك له، من كانت تلك صفاته فهو بحق يعبر عن ثقافة التوحيد وعبادة الله الخالصة، وعلى الأمة إذا ما أرادت أن تصل إلى ساحل النجاة عليها أن تتوحد بتلك الثقافة الحسينية الخالدة التي أرشدنا إليها الرسول الأعظم حينما قال: حسين مني وأنا من حسين، فالرسول الأعظم إنما يتمدد على مر العصور والأزمان بالحسين عليه السلام حتى يرث الله تعالى الأرض ومن عليها بظهور حفيده المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف.بل إن الإمام الشهيد قد ورث بشهادته الشاهدة ورسالته النبيلة رسالات السماء التي تمخضت بها تضحيات الأنبياء جميعا، هذه الثقافة التي ورثناها من الحسين (عليه السلام)، والتي ورثها الحسين (عليه السلام) من الأنبياء (عليهم السلام)، هي من أهم ما يجب أن نُقدّمه لشبابنا في هذه الساحة، الذين هم بأمس الحاجة إلى ثقافة التوحيد وتوحيد الثقافة في هذه المسيرة العابقة.فإنّ ثقافة صراع الحق مع الباطل والمواجهة بين الخير والشر، من أهم أسباب مقاومة الفئة القليلة والمستضعفة للفئة المستكبرة والظالمة على طول الخط الذي خطه سيد الشهداء بدمه الطاهر، ومن دون هذه الثقافة لا نتمكن أن نحقّق أهداف رسالة الله في هذه المعركة الضارية بين التوحيد والشرك.وثقافة التوحيد نجدها متجلية في القرآن الكريم وفي نهضة الحسين عليه السلام، فإنها حافلة بثقافة المواجهة والتحدّي والمقاومة والصبر، ولقد جسدت لما في القرآن من وعي وثقافة في هذا الشأن، وفي رحاب النهضة الحسينية... نجد الكثير ممـا نحتـاجه من وعـي المعركة والمواجهة، ومثلما الحركة القرآنية نراها مليئة بصولات منطق التوحيد لترهات وأباطيل أهل الجهالة والضلالة، كذلك في نهضة الحسين عليه السلام نرى نفس المنطق قد استولى على أهل الحق في سبيل إيصال مبدأ الوصال إلى أهل العالم ولو تطلب ذلك المزيد من إراقة الدماء في سبيل تحقيق ذلك المبدأ المتسامي المتألق الهادف. والنهضة الحسينية مرآة صافية للتاريخ، نرى من خلال هذه المرآة صراع الحقّ والباطل، ومقاومة الحقّ واندحار الباطل، وقيم الحقّ وسفاسف الباطل، وسـنن الله في هذا الصـراع جلية واضحة لا تحتاج إلى مزيد بيان واسترسال، يمكن تلمسها من خلال أقوال ومواقف وتضحيات قافلة الهدى التي بقيت متألقة في سماء النبل والكرامة وعلى مر العصور.
https://telegram.me/buratha