علاء التريج حقوقي ومستشار نفساني
توقفنا في الحلقة الثالثة عند النقاط الست التي طرحها عنصر المخابرات البريطانية مستر همفر على الشيخ محمد بن عبد الوهاب والتي قبل بها الاخير باستثناء فضيتين وهما ( هدم الكعبة المشرفة و صياغة قرأن جديد ). لم يكن هذا الاستثناء من بن عبد الوهاب هو رفضا للطرح باعتباره مخالفا للدين الاسلامي وانما كان خوفا من السلطة في مكة او تركيا, ومن خلال نهج الحركة الوهابية يتبين لنا ان من جاء بعد محمد بن عبد الوهاب قد ساروا على النقاط التي وافق عليها والتي قامت بوضعها وزارة المستعمرات البريطانية, حتى اصبحت سنة لدى الوهابيين... لكن كيف استطاع محمد بن عبدالوهاب ان ينفيذ هذا البرنامج؟بعد مغادرة بن عبد الوهاب البصرة توجه الى نجد تاركا مع عبدالرضا رسالة الى مستر همفر وفيها عنوانه في نجد, توجه همفر الى نجد وبعد وصوله الى رفيقه بن عبدالوهاب اتفق معه على ان يقول الى ابناء منطقته ان همفر ( محمد ) هو عبد اشتراه من البصرة, كان همفر قد تلقى تعليمات بان بريطانية ستدعمه بكل ما يحتاج.. بدأ عبدالوهاب العمل بالبرنامج بكلمات مبهمة غير واضحة خوفا من ردود الافعال .. استطاع ان يجمع مجموعة من الانصار وكثيرا ما كان يريد التراجع عن دعوته عندما تكون هناك تحديات من قبل المسلمين, ولكن همفر كان له كظله ويشجعه ويدعمه, كان محمد بن عبدالوهاب قد اشترط على همفرد ان تتوفر له منطقة امنة من اجل نشر الدعوة, عمل همفر و جواسيس اخرين من اجل الترتيب مع محمد بن سعود, كان هذا الترتيب على خطين, الاول هو من خلال موضي زوجة محمد بن سعود ( سنجعل في المستقبل مقالا خاصا عن دور النساء في الاوضاع السياسية وسنبدأ من صفية وموضي الى وقتنا الحالي مثل الشيخة موزة والنساء العراقيات واثرهن في العمل السياسي والاداري ) والثاني من خلال عناصر المخابرات البريطانية, حيث انضم الاخير الى المشروع التكفيري, تم الاتفاق على ان تكون الدرعية عاصمة لهم. بعدها قام همفر بزيادة عدد عناصر المخابرات حتى وصل عددهم الى احد عشر, كانت مهمتهم تدريب الجماعة الوهابية و وضع الخطط لحرب الصحراء, كما اشترى العديد من الجواسيس الذين يعملون مع خصوم محمد بن عبدالوهاب, وقد انقذ هؤلاء الجواسيس حياة الشيخ في مرات عديدة... في عام 1765 توفي محمد بن سعود فخلفه ابنه عبدالعزيز, وكان عبدالعزيز على نهج ابيه من خلال العمل مع محمد بن عبدالوهاب كما كانت الاموال مستمرة من وزارة المستعمرات البريطانية.لم تهتم الحكومة العثمانية في بداية الامر للحركة بالرغم من القتل والسلب والنهب الذي قام بها ابن سعود وبن عبدالوهاب, حتى انهم قتلوا في منطقة واحدة اكثر من مئتين من علماء المسلمين, وعندما استفحل الامر كلفت الدولة العثمانية واليها على العراق وبمساعدة بعض العشائر السنية مثل المنتفق وشمر وغيرها بالقضاء على هؤلاء الخوارج كما افتى علماء اهل السنة بذلك, لكن تلك الحملة فشلت كما فشلت حملات اخرى بسبب الطبيعة الصحراوية وقوة التحصين لمنطقة الدرعية ...كلفت الحكومة العثمانية ابراهيم بن محمد علي باشا بالهجوم على معقل الوهابية حيث جاء بجيش جرار ونزل عند قبر النبي ( ص ) وتعهد هناك بان يحارب هؤلاء حتى القضاء عليهم, بعد هجومه استطاع ان يقتحم حصون الوهابية واسر ما تبقى من علمائهم, فدعا الى مناظرة بين علماء اهل السنة و شيوخ الوهابية وكان يتابع ابراهيم هذه المناظر حرفا بحرف, استمر الحوار ثلاثة ايام... فلم يجد من هؤلاء البدو الا اصرارا على منهجهم المنحرف, لم يتدخل ابراهيم في هذه المناظرات طوال انعقادها, وفي اليوم الثالث سئل ابراهيم شيوخ الوهابية فقال لهم ( ما هي سعة الجنة؟ ) اجابوه بانها عرض السموات والارض... فقال ابراهيم وهذه الجنة بهذه السعة خلقها الله لكم فقط يا خنازير!!!... فلم يجبه احد منهم, فامر بقتلهم جميعا وكان عددهم خمسة مائة من شيوخ الوهابية كما قام باسر ابن سعود.اعتقد المسلمون بانهم قضوا على الشجرة الخبيثة واقتلعوا جذورها , ولم يعلموا ان بريطانية التي اسست ورعت هذه الحركة على مدى عقود من الزمن لن تتركها تموت بهذه البساطة وان كانت قد حققت اهداف عظيمة خلال تلك الفترة, عمل الانكليز على التواصل مع اسرة ال سعود باعتبارهم الوريث الحقيقي لتلك الحركة وكانت تربي عبدالعزيز بن عبد الرحمن ال سعود, حيث قامت بتوفير الملجأ الامن له في الكويت وهو في صباه. كان عبدالعزيز ال سعود (وهو والد الملك عبدالله الحالي) يحضر مجالس الشيخ مبارك ال صباح امير الكويت من اجل اعداده لمرحلة الوهابية الجديدة والتي سنبينها في الحلقة القادمة وهي اصل البحث في هذا الموضوع ( الفتنة ), وسيتبين لنا ان السيناريو هو نفسه الذي كان زعمائه مستر همفر والشيخ بن عبدالوهاب, سيتكرر هنا بأسماء جدد وهم المستر فلبي وعبدالعزيز ال سعود, كما سيتضح لماذا وجود مملكة ال سعود مرتبط بوجود اسرائيل.
https://telegram.me/buratha