المقالات

حق القوامة مطلق أم مقيد؟!

510 11:31:00 2013-06-17

حسن الهاشمي

حق الزوج على زوجته ووجوب الطاعة له محصور بثلاثة أمور هي: التمكين وعدم الخروج من البيت إلا بإذنه وعدم إدخال من لا يحب في بيته، فالبعض من الرجال يعمم حق الطاعة على جميع مفردات الحياة معللا ذلك بالقوامة!! وفاته إن القوامة ليس بالتفضيل وإنما بالتركيبة القوية التي يتصف بها الرجل وما يتبعه من كد وتعب لتأمين الإنفاق على العيال، مقارنة بالتركيبة الضعيفة للمرأة، والضعف ليس معناه النقص بل معناه الظرافة والحنان والرقة التي لولا هذه الأمور لأضحت الحياة معقدة وجافة فيها من النصب واللغوب الشيء الكثير.يقول الإمام زين العابدين عليه السلام في هذا المضمار: وحق الزوجة أن تعلم أن اللَّه عزّ وجلّ جعلها لك سكناً وأنساً، وتعلم أن ذلك نعمة من اللَّه تعالى عليك، فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها لأنها أسيرك وتطعمها وتكسوها فإذا جهلت عفوت عنها.يتناول عليه السلام في هذه الفقرة المباركة من رسالته الحقوقية، الحقوق الشرعية والأدبية والمادية للزوجة مرة بالتشريع لبيان الواجب والمطلوب ومرة أخرى بالتوجيه الوجداني المؤثّر.ويصوّر عليه السلام من أعماق القلب وأغوار الحسّ الصادق طبيعة تلك العلاقة بتعبير لطيف رقيق ينهل من القرآن الكريم ولا يكتب إلا بحبره الذي لا ينضب ويظلّ‏َ يشعّ بأنوار الحقيقة الخالدة فيوضح عليه السلام صلة النفس بالنفس، صلة السكن والقرار، صلة المودة والرحمة صلة الستر والتجمل.فيا ترى ما الذي توجبه هذه الصلات من حقوق على الزوج عليه مراعاتها والقيام بها أمام شريكة العمر ورفيقة الدرب الطويل، فهو يلزم الزوج بالنفقة عليها من توفير وتهيئة الملبس والمسكن والمأكل بما يناسبه ويناسبها جاء في الحديث: "حق المرأة على زوجها أن يسدّ جوعتها وأن يستر عورتها ولا يقبّح لها وجهاً".وكذلك وصالها، وهو عبارة عن حقها الزوجي في العلاقة معه، والاتصال بينهما كما أراده اللَّه تعالى ولذلك لا يحق للزوج هجرانها والابتعاد عنها زيادة عن المدة المحدّدة في الشرع المبين، ومن القبح بمكان أن يقصّر الرجل في أداء هذا الحق لها وقد ورد ذم الرجل المتهاون بهذا الأمر في النصوص الواردة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام.ومن حقوقها عدم إهانتها فينبغي التعامل معها بإحسان فلا يعمد إلى إستعمال الألفاظ النابية معها وإن كان غاضباً أو محقّاً وهو المقصود من قول النبي‏ صلى الله عليه وآله وسلم: ولا يقبّح لها وجهاً.ويعمل جاهدا على عدم الإضرار بها ربما يعمد بعض الأزواج إلى الإضرار بالزوجة حتى تصل إلى حالة ترجو فيها الخلاص من زوجها فتبذل مهرها لقاء أن يطلقها فيكون هو الذي ألجأها إلى هذه الحالة من خلال المعاملة السيئة والأسلوب الوحشي في التعاطي معها، وربما يفرح الزوج بأنه قد نجحت خطته ووصلت إلى الغاية التي رمى إليها من خلال عملية الإضرار والاضطهاد التي مارسها مع زوجته، لكن الحقيقة إن اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بريئان من هذا الرجل وإضافة إلى ذلك فإن ما أجبرت الزوجة على دفعه له حرام عليه، يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ألا وإن اللَّه ورسوله بريئان ممن أضرّ بامرأة حتى تختلع منه. وعلى هذا فإن حق القوامة ليس مطلقا كما يفهمه بعض ضعاف النفوس كما أسلفنا، بل إنه مقيد بالآية الكريمة (وعاشروهن بالمعروف) أي إن العشرة بالمعروف من المفترض أن تضرب بأطنابها جميع مفاصل الحياة بينهما، ومثلما هو يزيد عليها بالإحسان إذ يوفر لها أمورا غير واجبة عليه كتقديم الهدايا بالمناسبات والسفر للترويح عن النفس وإعطاؤها نثرية لكي تشتري ما تشاء حسب وسعه واستطاعته لغير الموظفات طبعا، وعدم التشدد معها في الذهاب إلى أهلها وأقربائها ولكن بقدر وإعطاؤها المجال بالخوض في كل أمر محلل شريطة أن لا يؤدي ذلك سلب حقوقه الزوجية، مثلما هو يقوم بذلك تجاهها من إحسان ومعروف، فمن المفترض ومن باب (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) أن تقوم الزوجة بالتنظيف والطبخ ورعاية الأطفال لمقابلته بالمثل وليس من باب الفهم القاصر لبعض الجهلة بأن هذه الأمور وغيرها واجبة على المرأة، بل يتعدى البعض إن أوامره في جميع مناحي الحياة لزوجته هي مولوية يجب تنفيذها، ويهددها بالويل والثبور وعدم الطاعة لله ورسوله إن هي أحجمت عن تنفيذها معللا كل ذلك بالقوامة؟! وهذا لعمري من التبسيط الشديد للأمور، ربما تنطلي على الجاهلات من الزوجات ولكنها تبقى مجرد استغلال نفعي وأناني للنصوص الشرعية في غير موردها يستغلها بعض الأزواج المعقدين عن علم أو توارثوها عن الآباء والأجداد، لاسيما إن التسلط والتجبر والظلم هي مكنونة في الذوات وكما قال الشاعر: الظلم من شيم النفوس وإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم والحقيقة التي لا غبار عليها إنه لا تزال جميع الموارد والأوامر والتوقعات غير الثلاثة الآنفة الذكر تتحرك في دائرة الإحسان المتقابل للمرأة تجاه زوجها ولا تدخل بأي حال من الأحوال في حق القوامة.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
كلمة
2013-06-17
اغلب الرجال يعيشيون العرف لا الدين ويتناسون ان خياركم خياركم لاهله شكرا للموضوع
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك