قاسم العجرش
لا يثير قرار الإدارة الأمريكية الأخير بتسليح المعارضة المسلحة في سوريا الاستغراب لدى الذين يفهمون قواعد اللعبة السياسية الأمريكية.. فتلك القواعد بنيت على أسس لم تتغير منذ أن قعدها الآباء المؤسسون للولايات المتحدة الأمريكية، ولكنها أخذت بعدها الدولي منذ عام 1918،حينما قدم الرئيس وودرو ويلسون للكونغرس الأمريكي في ذلك التاريخ مبادئه الأربعة عشر الشهيرة والتي كرست الهيمنة الأمريكية لقرن من الزمان تلا ذلك التاريخ.. ..
إن المفارقة هي ان أمريكا وهي تدعم الكيان الإسرائيلي بالمال والسلاح وتدعم الاحتلال الإسرائيلي في تهويد الأرض العربية الفلسطينية وتهويد القدس خدمة لمصالحها، تقوم بذات الوقت بدعم مسلحي المعارضة السورية بالسلاح..فهل بات هؤلاء جزء من قواعد اللعبة الأمريكية، بمعنى هل أصبحوا برغي في الآلة الأمريكية؟ الإجابة واضحة جدا وستكون نعم، ولكن بلحاظ أن قرار تسليح المسلحين السوريين سيكون بخدمة المصالح الأمريكية أولا وأخيرا، وستتيح لنا أن نفهم العلاقة الوشيجة التي تربط هؤلاء المسلحين بالكيان الصهيوني ، وسنجد تفسيرا معقولا لعدة أحداث جرت في المنطقة ولم تأخذ حقها من التحليل..
فخلال الشهرين الفائتين جرت أحداث كبرى في المنطقة عموما وفي سوريا خصوصا..قصف إسرائيلي لمركز أبحاث سوري مهم في جرمايا قرب دمشق، وكل الدلائل تفيد أن اليورانيوم المنضب قد أستخدم في عملية التدمير لهذا المركز..مذابح مروعة قام بها الإرهابيين في سوريا بدوافع طائفية مكشوفة، إستهداف لمناطق داخل لبنان في منطقة الهرمل وبعلبك الشيعية، حصار وقتل مستمرين مناطق شيعية أيضا قرب حلب هما نبل والزهراء، جريمة مروعة بحق سكان مدنيين شيعة في قرية قرب دير الزور بسوريا لم يسلم منها حتى الأطفال، إنتصار كبير للقوات المسلحة السورية بمشاركة وإسناد من حزب الله في مدينة القصير، أستحضارات كبرى للجيش السوري لإعادة حلب الى حضن الدولة، والأنباء تقول أن التالي سيكون أدلب ودير الزور والرقة....
وعودا على بدء، فإن أمريكا والغرب تورطوا الى مدى بعيد بالمشكلة السورية، ولم يعد ممكنا لهم الألتفات الى الخلف، وتدخلهما بانت حقيقته، والهدف الذي لم يعد خفيا من هذا التدخل هو من تحقيق الأمن والحماية للكيان الإسرائيلي
أمريكا بعد أن استشعرت الخطر المحدق بمصالحها، وبمشروعها للشرق الأوسط الجديد وبامن ربيبتها إسرائيل، أضطرت الى إعادة حساباتها بعد خسارتها وحلفائها في معركة القصير، وهي تتخوف من إعصار حلب وادلب ودير الزور والرقة ،سيما بعد إتضاح المواقع وتيقنها أن سوريا لن تكون بمفردها في قتالها ضد الأصطفاف الصهيوني ـ السلفي ـ الخليجي مع المسلحين الذين قدموا من 82 دولة على الأقل.. فاللعب بات على المكشوف، وإيران ما فتئت تعلن أنها لن تسمح بسقوط الأسد ، وروسيا أيضا أتخذت موقفا لا رجعة فيه بهذا الأتجاه، وحزب الله بكل خبرات القتالية يقف صلابة الى جانب الجيش العربي السوري، والشيعة في كل مكان من العالم لن يسمحوا بتكرا مشهد تفجير قبة الإمامين العسكريين"ع" في سامراء مع السيدة زينب"ع" بدمشق،..وفي المقابل فإن الرئيس الأمريكي اوباما بات يرى بوضوح الخسارة المحدقة التي ستلحق بأمريكا والغرب وحلفائها من المستعربين في الشرق الأوسط في حال نجاح الجيش العربي السوري بالانتصار على المؤامرة الأمريكية الصهيونية التي تستهدف إسقاط سوريا..ولذلك ضمن محاولات الخروج من المأزق، أخذت الإدارة الأمريكية تروج لفكرة ثبوت استخدام الجيش السوري للسلاح الكيماوي وهي ضمن ذرائع كاذبة ومفبركة اعتدنا عليها من الإدارات الأمريكية حين ترغب بالتدخل المباشر في الشؤون الداخلية للدول، وفي الذاكرة القريبة فان مثل هذه الفبركة والادعاءات الكاذبة كانت وراء غزو واحتلال العراق، لكن أمريكا تدرك أن سوريا ليست العراق، وهي لن تجرؤ على غزو سوريا بشكل سافر، لذلك فإانها تدفع الى استمرارية الصراع بواسطة وكلائها للاستمرار في أعمال القتل والتدمير في سوريا، عبر تزويدهم بالسلاح وإمدادهم بالمال والعتاد بهدف تدمير سوريا وإسقاط ألدولة، ضمن مخطط تعاضدت على تنفيذه أدواتها بالمنطقة ، ونشهد حراكا واسعا في هذا ألاتجاه، ومصاديق هذا الحراك كثيرة ومعلنة..ومنها مؤتمر علماء القرضاوي في القاهرة الذي أعلن حربا مكشوفة وعلنية ضد الشيعة..
قبالة هذه الأحداث السورية ثمة أحداث دولية ولكن بأصابع أمريكية..!
وقراءة أحداث مثل الفوضى التي تسعى أمريكا وعملائها لإحداثها في اليمن، وفوضى السلاح في ليبيا، وتونس وما تواجه مصر من مصير قاتم، والفوضى التي أستحكمت في مصر، والتي تأتي ضمن مخطط التحكم بالإرادة المصرية، ودفع إثيوبيا ومساعدتها لبناء سد النهضة، وبما يزعزع الأمن القومي لمصر،
بدفع ضمن الضغوطات التي تمارس على القيادة المصرية للقبول بتزويد إسرائيل بالمياه من نهر النيل..
إن حقيقة كارتات الشحن مدفوعة الثمن بالشأن السوري، عبر التدخل الأمريكي الغربي وعبر الدعم اللا محدود الذي تقدمه تركيا ودول الخليج، يدفعنا للتساؤل عن أسباب إحجام هذه الدول عن دعم الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.. حيث لم نلمس دعما حقيقيا قدم للفلسطينيين طوال فترة الصراع المستديم مع الكيان الإسرائيلي..
https://telegram.me/buratha