رسول الحجامي
بالطبع لا احد يريد أن يدعي انه لا توجد هناك حلقة مفرغة من العنف والعنف المضاد ، حروبنا الطائفية لم تبدأ اليوم ، إنها أحرقت تاريخنا القديم والحديث والمعاصر ، ولم تسمح لنا بكتابة معاهدة للسلام لا على مستوى الحلم ولا لفسحة تأمل ، حروب تهز جذورنا الثقافية وعصبنا السياسي ووعينا بالذات والآخر . صراعنا الطائفي ليس بسبب حادث هنا أو هناك ، انه صراع قائم على تراكمات تاريخية من العقائد والفكر والثقافات وما تولده من منتوجات اجتماعية على مستوى الفرد والجماعة ، لذا فان من يفكر أن يلغي الآخر عن طريق رصاصة أو حرب هنا أو هناك فهو واهم ، والأكثر منه وهما من يتصور إن تدمير الأمة بحرب طائفية يمكن أن يخرج منها احد منتصرا ، نعم قد تغرق الأمة في بحر من الدماء لكن لن يتم تصفية مكوناتها .الصراع الطائفي في حلبة إقصاء الآخر فاشل ، فوسيلة التطهير الطائفي وقتل كل من لا يؤمن بما تؤمن عملية ليست ذا جدوى ، لان الفرد والجماعة هم نتاج لذلك الفكر المضاد لك ، وبالتالي فأنت تقتل الأفراد والجماعات والفكر ينتج أفرادا آخرين وجماعات .. وحتى لو استخدمت القنابل النووية .. وتبيد من تبيد ، فالطوائف كالشعوب قد تخسر حربا لكنها لن تموت .قرأت بالأمس منشور يبين كيف يتوهم أمراء الحرب الطائفية بإزالة الآخر ،وفيه سيفجرون كل أماكنهم المقدسة وكل مراكز عباداتهم ، نقتل كل مقاتلتهم ، ونأخذ نساؤهم سبايا ، ومن آمن منهم نأخذ منهم أولادهم ، و ..و..ونحرق كتبهم .(المنشور مؤرخ 2013 ؟!!!)أولا هذا المتوهم الطائفي يتحدث عن مئات الملايين قد يكونوا أربعمائة مليون أو ثلاثمائة مليون ، وهم تحت سيادة دول إسلامية مثل تركيا وباكستان وغير إسلامية مثل الهند ، ويتحدث عن دول إقليمية تقود فيها تلك الطائفة البلد إسلامية مثل إيران وعربية مثل العراق ،ويتحدث عن دول تشكل فيها هذه الطائفة أغلبية سكانية لكنها بلا حقوق وطنية ، وحينما نورد هذه الأمور فإننا نريد أن نعرف أين كتب هذا المنشور الطائفي في إحدى الكهوف أم في قبر تحت الأرض .. وهو يفترض ذلك بغياب الانترنت والفضائيات وكل ما يمت للحضارة بصلة .الفكرة ليست من سيكون الأقوى ، بل القصد إن مخططات الصراع الطائفي من الممكن أن تقوم على الجدل الفكري في العقائد والفقه وغيرها من العلوم ، أما شن الحروب الطائفية فماذا ستقدم للأمة غير مزيدا من الدمار والخراب والموت ، وهل انتهت الأمة من مواجهة أعدائها الذين يهددون وجودها حتى تدخل في إيقاد نار الحرب بين الأخ وأخيه والجار وجاره ، من مصلحة من نهدم القاهرة والرياض وبغداد وبيروت ودبي والجزائر... هل أمنا لشعوبنا رغيف خبزها وفرصتها الكريمة بالحياة ، هل تعرفون كم تستقبل البلدان الأجنبية (الكافرة ) من شبابنا الباحثين فرص عمل ، هل تعرفون إننا الأمة الوحيدة اليوم التي تخطط لخوض حروب داخلية .لن أضع علامات استفهام ، لان بعض الشواذ من الفقهاء ما يزل يفتي بفتاوى الجريمة والاغتصاب ، فتوى تنتمي للجاهلية القائمة على اقتصاد الدم وثقافة السبي ..وبالطبع هناك شباب عاطل وحاقد على المجتمع الذي عطل دوره في الحياة الكريمة ، منعه من عمل وزوجة وبيت وعطلة سفر ، هذا الشباب كفر بالمجتمع وبكل نصبه من الحجر والبشر ..ومثل هؤلاء لن تستوقفهم علامة استفهام .. لأنهم ماضون يقودهم قطار سريع من أجندات تهدف الى تقويض مقدرات امتنا وتمزيقها .الحرب الطائفية ليس من البطولة أن نؤججها ،فإنها قد تندلع لأتفه الأسباب .. لكن الحكمة هو أن لا نسلم الأمة الى محرقتها ..بين قوسين كفانا أن يعيش العرب والمسلمون كأمة متخلفة يقتل بعضهم بعضا، وأبطال الطائفية هم أناس لا يفكرون كيف يسعدون مجتمعاتهم ومن حولهم من عباد الله ، بل لا يعرفون سوى زج الفقراء للموت ، والجلوس على كراسي الزعامات في زمن الخراب والدمار..
https://telegram.me/buratha