منذ قرابة سبع سنوات ونحن نراوح في أمكنتنا، ننقل قدما من موضعها الى موضع القدم الأخرى، في أزمة سياسية عميقة، ووصل عمق الأزمة الى حد أصبحت فيه هي الشكل السائد للعملية السياسية في بلدنا، بمعنى أننا بتنا متعايشين معها، وبني تصور دائم بأن السياسية هي هكذا: أزمات تليها أزمات في عملية صناعة الأزمات ..!
والى وقت قريب ونتيجة لهذا التعايش مع الأزمة، كفر كثير من المواطنين بالعمل السياسي وبمخرجاته، وصرنا نسمع شتائم للسياسة والسياسيين لا تعد ولا تحصى، وصارت مفردة السياسي مرادفة لمفردات أخرى، مثل لص، حقير، كلاوجي، كذاب، فاقد الضمير، مخادع، (كلـ...بن كلـ..)..وطبعت الى حد كبير هذه الأوصاف في ذهن المواطن، حتى أوشك الأخضر أن يباع بسعر اليابس.. ولكي نفهم سبب عمق الأزمة التي لا يبدو في الأفق أنها ستجد حلا قريبا، وذلك لأنها أزمة متعددة الوجوه والصفحات، لابد أن نعرف أن اللاعبين الرئيسيين في المشهد السياسي ليسوا بالمؤهلين أصلا لتجاوز هذه الأزمة، أو بعبارة أدق، ليست لهم الرغبة في تجاوز هذه الأزمة، وذلك بسبب شعور خادع، جعل كلا منهم يتوهم بأنه صاحب اليد الطولى في القرار السياسي، وبأنه يستطيع أن يفرض أرادته بسبب مشاعر القوة والتمكن. وهذا الشعور المخادع هو الذي جعل صناع الأزمات يتوهمون بأنهم مؤبدين في مواقعهم، وأنها هبة ألهية لهم، بل أن أحدهم قال وبالحرف الواحد:" أن موقعه السياسي تكليف آلهي...!"
أنتخابات مجالس المحافظات فككت هذه الصورة الزائفة، وعرت هذا الشعور الزائف بالقوة، وأحالت الساسة من رواد الأزمات الى دواخلهم ليكتشفوا أنها دواخل فارغة، وأن عليهم أن يلحقوا أنفسهم ويصححوا مساراتهم، فليس أمامهم إلا وقت قليل جدا لأنتخابات مجلس النواب القادم، وعندها..ابو" كَريوة إيبين بالعبرة"..!
28/5/13619
https://telegram.me/buratha