اليوم يبدو استحضار الماضي ضروريا، لأخذ الدرس في اطار تشابه غير مقصود بين مرحلتين، انفتح فيهما الفضاء السياسي فجأة على جميع تيارات الهواء السياسية؟ ان قراءة جدية ستكون مضادا حيويا ضد البلاهة التي يتناول بها البعض الأحداث من أثر غياب الذاكرة التاريخية.
وربما يبرر هذه العودة أيضا، أنها أولا تفسر بشكل ما جزءا من واقعنا الحالي الذي لم يعرف كيف يخرج من منطق سنوات الثمانينات وما تلاها من سنين..
ومن خلال قراءة موجزة للتاريخ على ضوء مستجدات الراهن، لكي نرى كم قطعنا من المسافة، وبشيء من الصراحة أتسائل:ألم يكن ضروريا وبديهيا ونحن نقرع أبواب مستقبلنا السياسي، أن نهضم بكثير من النقد الذاتي تاريخ علاقة القوى السياسية المتصدرة للمشهد السياسي الراهن، ببعضها البعض قبل التغيير النيساني الكبير عام 2003..!
كانت بداية الثمانينات هي السنوات الأولى التي تضع فيها الحركات الإسلامية قدمها في داخل الحراك السياسي، وكانت نتاج قمع سلطوي خانق، وتعبيرا عن الرفض لحالة انغلاق سياسي مطبق، حكم على فضاءات التعبير بالإنزواء في أقبية التنظيمات السرية.. لكنها بداية حملت أمراضها معها، لتصنع شبكة غير مرئية من الحروب الصغيرة والشخصية، بين هؤلاء الذين يؤثثون المشهد السياسي اليوم. إذ أن تلك البداية كانت هي أيضا ذلك الرحم الذي طرح لنا نخبة اليوم، والتي تربطها علاقات سلبية متجذرة في الماضي ما أستطاعت أن تنفك منها، وكانت تعبيرات تلك العلاقات السلبية متنوعة، بين خلافات أيديولوجية وعقيدية عميقة، الى مشادات ومعارك شخصية..
جيل الحاضر لا يستطيع إيجاد تفسير للكثير من المشاحنات الآن بين القادة السياسيين، والتي تدور أمام أعين أبناء هذا الجيل، وبعضها على شاشات الفضائيات. وأتسائل أيضا عن الغول الذي يشدنا الى الخلف، الى درجة اننا حين نلتفت إلى الخلف، سنجد أن تلك الخلافات لا تبعد عنا الا قليلا رغم الفارق الزمني لثلاثين عاما. ألا يمكن القول أننا مازلنا في بداية الثمانينات، لولا قواعد اللعبة السياسية الجديدة وقشرة الوسائل الاتصال الحديثة.
كلام قبل السلام: أسوأ ما يمكن تصوره : أن يكون اللص واعظا، والكذاب سياسي..!
سلام..
https://telegram.me/buratha