عبدالله الجيزاني
العمل لإجل الأهداف الكُبرى يحتاج إلى اليات ووسائل وتضحيات غير اعتيادية، وعلى هذا نجد أن التاريخ الإسلامي تناول أحداث يصعب على العقل البشري أن يتحمل قسوتها.كان أبطالها صفوة المسلمين، فالرسول الكريم يختصر ماعاناه من حمل الرسالة الإسلامية بقوله (صلوات الله عليه واله) (ما أوذي نبي مثل ما أوذيت). وعندما نتناول تاريخ الانبياء ممن سبقوا رسول الإسلام نجد فيهم من اُحرق ومن قُطعت اوصاله، وغيرها من الاساليب الوحشية. وكُل هذا يعد اقل مما تعرض له رسولنا، وكذا ماعاناه اهل بيت النبوة وأصحاب الرسول المنتجبين، وأتباع اهل بيته. ورغم كل ذلك لم ينقل لنا التاريخ عن أي رد فعل عدائي، صدر من الرسول أو اله ضد مناوئيهم بل كان العفو ومنح الحقوق والجود بالكرم سجيتهم بحق هؤلاء.وهل هناك أصعب واقسى من كربلاء على آل بيت النبوة، لكن نجد الإمام علي السجاد يحمي آل مروان واُسرهم في داره في واقعة الحرة.وغيرها من الحوادث التي كان آل البيت فيها يدافعون عن خصومهم رغم قسوتهم معهم.وهذا يُفسر عظمة وسمو الهدف الذي يسعى اليه آل البيت ، وهو إجتثاث الظلم من وجه الأرض وجعل العدل يُشيع في ربوعها.ولم تكن أفعال أهل البيت تلك، على حساب الثوابت الإسلامية لانهم تحملوا كل ماتحملوه، لإجل ترسيخ هذه الثوابت في الأرض، وتكون هي القانون الذي يُنظم الحياة على وجهها. وعلى هذا يُفترض أن يسير أتباعهم اليوم، فمن يدعي الإتباع عليه أن يتمسك بالنهج، بالإعتزاز والحِفاظ على الثوابت، وإحترام الآخر، والحرص على حقوقه، وبذل كل الجهود لغرض إستيعابه، وماسوى ذلك لايُعد اتباع لا آل البيت ونهجهم، وكذا التضحية بالثوابت والحقوق بحجة إتباع نهج آل البيت هو الآخر لا يُعد إتباع لهم.واليوم في العراق حيث يتشكل المجتمع من أطياف مُختلفه، لكل منها ثوابته وهواجسه. ويُشكل أتباع آل البيت الأغلبية، تتشكل لدينا ثلاث مسارات لإتباع آل البيت. المسار الأول الذي يتخذ من إنتمائه للآغلبية مُبرر ليقصي الجميع بحجة وعنوان الإستحقاق وهذا المسار هو مسار دنيوي لاينتمي لإهل البيت إلا شكليا. والمسار الآخر الذي يُحاول أن يجعل إنتمائه لإهل البيت قولاً وفعلاً، لذا يندفع باتجاه التضحية بالثوابت أو جزء منها بحجة الحفاظ على حقوق الآخر، وتجنب وصمه بالطائفيه، وهذا المسار لايختلف عن ماسبقه، فهو يغطي أهدافه الدنيويه وسعيه للمكاسب تحت هذا الغِطاء، وهو الآخر بعيد عن نهج آل البيت. والمسار الثالث وهو الذي يحرص على حقوق الآخرين كمدخل لحصول الأغلبية على حقوقها ويُحترم خصوصيات وثوابت الآخر كمدخل لإحترام ثوابت أتباع آل البيت، وهذا هو النهج الحقيقي لمُحمد وآلِ محمد. فهل يمكن مثلاً ان يتهم الإمام السيستاني بانه يُفرط بحقوق الأغلبية وهو يحرم الدم العراقي لكل الطوائف والقوميات فمن يسفك دم أتباع آل البيت هم فئة باغية لاتنتمي لاي قومية أو طائفة. لذا فان انتظارنا لإمامنا المنتظر الذي نعيش ايام ولادته المباركة تستند إلى المسار الثالث، ونسخر دمائنا وإمكاناتنا كلها لإجل التمهيد لظهورة الشريف ليملئها عدلاً وقسطاً كما ملئها المناويء وأصحاب المسارين الأول والثاني ظلماً وجوراً.......
https://telegram.me/buratha