عبدالله الجيزاني
عندما تُطلق كلمة دولة على جزء من الأرض المأهولة بالسُكان، يتبادر إلى الذهن، أن هناك حكومة تمتلك صلاحية تنفيذ القانون ويوجد مجلس يُشرع القوانين وهناك سُلطة قضائية وكل هذه السُلطات تُحكم بعقد اجتماعي هو الدستور، وتمتلك تلك الدولة السيادة والولاية على أرضها وشعبها وثرواتها.والعراق قبل يوم الخميس كان شبه دولة حيث أن الولاية كانت بيد الاُمم المتحدة بموجب البند السابع من الميثاق الاممي، وكانت كل نشاطات دولة العراق مرهونة بتطابقها مع بنود هذا الفصل، وكل مافي العراق خاضع للتغيير بقرار من الاُمم المتحدة بمافيها الدستور والمؤسسات المختلفة وحتى الحكومة كان يمكن للاُمم المتحدة أن تسحب الشرعية منها، ناهيك عن الأموال وتصدير النفط وسِواها من الامور السيادية. هذا الآمر كان غائب عن الشعب العراقي فضلاً عن اكثر النُخب السياسية التي تقود البلد، الوحيد كان السيد عبدالعزيز الحكيم يؤرقه بقاء العراق تحت طائلة البند. وقام بجولات مكوكية على مُختلف دول العالم وزار مقر الاُمم المتحدة للمطالبة بإخراج العراق من تحت طائلته، وكانت هذه الجولات تمر مرور الكرام على الأغلبية من ساسة وشعب وسبب ذلك كما اسلفنا الجهل بما يعنيه وجود العراق تحت الوصاية الدولية. فالسيد الحكيم كان يضع تصورة لبناء العراق وفق المشروع الوطني بتحقيق العدل بين المكونات وتغيير معادلة الحكم الظالمة التي انتهجت في العراق طيلة المرحلة التي سبقت التغيير في 2003، ووضع دستور يلبي رغبات وطموحات وخصوصيات الشعب العراقي، وهذا لايمكن تحقيقة أو على الأقل الإطمئنان لإستمراره مع وجود الوصاية الدولية التي يفرضها البند السابع. وقد وضع السيد الحكيم بدائل مناسبة في حالة تعذر تحقيق الهدف الذي كان يصارع لإجله وبمفردة وهو اقليم وسط وجنوب العراق، وكان سماحته يبرر تلك الدعوة بأن المتغيرات الدولية السريعة لايوجد معها ضمان لإستمرار المكتسبات التي حققهتها الأغلبية، والعراق مازال تحت الوصاية لذا فان أي تغيير بالموقف الدولي أتجاه نوع وطبيعة الحكم في العراق ممكن أن يواجه بوجود أقليم يضمُن للأغلبية حقوقها، ويجعل الاعب الدولي في العراق يفكر كثيراً قبل أن يقوم بتغيير مُعادلة الحكم في العراق. وفي ذاك الوقت كانت كل القوى السياسية الممثلة للأغلبية مشغولة بنفسها ووضعها الداخلي وكيف يمكن أن تتصرف لتضمن الحصول على أكبر قدر من المكتسبات. ومما يُذكر أن السيد الحكيم التقى بمبعوث اُممي في العراق بحضور رئيس الوزراء في حينة، وقد كان حديث السيد يدور عن اهمية مساعدة الاُمم المتحدة العراق بأخراجه من طائلة البند السابع. ولما خرج المبعوث الاُممي توجه رئيس الوزراء الى سماحة السيد مستغرب اصرار السيد على الحديث عن البند السابع فقط وترك مناقشة أمور اخرى اجابه السيد إعلم أن وجود العراق تحت هذه الوصاية يمكن أن يُزيلك من موقعك هذا، ويستبدلك بلحظة ب(...) ذكرَ إسم احد الشخصيات المتهمة بالارهاب. واليوم وبعد رحيل السيد الحكيم بعد ان وضع اُسس بناء الدولة من انتخابات وتغيير معادلة الحكم وكتابة الدستور، تم تحرير العراق من طائلة البند السابع وأصبح دولة كاملة السيادة ومابقى على القوى السياسية وبالخصوص مَن تُمثل الأغلبية إلا ترجمة مابناه السيد الحكيم والحِفاظ عليه من خلال تطبيق الدستور والالتزام بالقانون وإكمال بناء المؤسسات المعطلة، وتوحيد ورص الصفوف للحفاظ على ماتحقق للأغلبية ولعامة الشعب العراقي، والإبتعاد عن الحزبية والشخصنة وتحقيق الشراكة الحقيقية بين الاقوياء المؤمنين بالعراق الجديد الذي اصبح دولة...
https://telegram.me/buratha