تأكد لنا وبعد عشر سنوات مما أعتدنا على إطلاق أسم العملية السياسية عليه، أنه "شيء هلامي" لا يحتمل هذا الأسم البتة، نظرا لأن المفهوم العملياتي لم يتحقق فيه لحد الآن، إذ أن مفردة"العملية" تفترض نظما للأمور، وهو شأن مفتقد فيما نحن فيه من حال..
فالسائد هو التشرذم السياسي وعدم الثبات على المواقف، وإفتقاد الروح المنهجية، وشيوع أجواء فقدان الثقة بين مختلف الفرقاء..وكي نتجنب خطأ التوصيف، نقترح أسما بديلا لهذا الهلام السياسي، وسنطلق عليه أسم"الوضع السياسي" ..
المتتبع اليوم للوضع السياسي في بلدنا، يرى أن هناك نخبا سياسية تتصارع على الحكم، ومعظم من يقول أنه يريد مصلحة الشعب، هو في الحقيقة لا يريد إلا مصلحته الضيقة، في إطار حزبه أو فئته أو منظمته أو ........
في وضعنا السياسي الراهن ونتيجة لتعقيداته، لا يستطيع حتى الذين وضعوا أنفسهم خارج إطاره، أن يقدموا البديل الصالح ـ مهما ادعوا من وجهة نظري على الأقل ـ أن يأتون بشيء جديد لحل المشكلات، أو تقديم رؤية صالحة لإصلاح و تنمية البلد؛ أفضل مما جاءت به القوى التي وجدت نفسها داخل أطار الوضع السياسي الراهن، لا لشيء؛ إلا لأنهم خرجوا من بيئة واحدة، وإن كانت هناك استثناءات، فهي قوى غير قادرة على الفعل، لأنها مغلوبة على أمرها تحت ظل التوازنات المعقدة..
وبعيدا عن هذا الهلام الذي ألتصق بنا ألتصاق قطعة قير بعباءة أعرابي مصنوعة من صوف..!، وفي ظل هذا الوضع يتكون شكل من أشكال العمل السياسي، بعيدا عن التواصل والإتصال بالقوى السياسية المنظمة، هذا الشكل هو ما يمكن أن نعبر عنه بمعارضة الشارع..!
معارضة الشارع تعني ببساطة أن ثمة وعي ميداني يتشكل وبثبات، وأن هذا الوعي يبنى على أساس رفض "كل" الذين هم داخل الوضع السياسي، والذين خارجه أيضا..!
وإذا كانت معارضة الشارع قد عبرت عن ذاتها ووجودها وبشكل عفوي، من خلال الإقبال الضعيف على صناديق اقتراع أنتخابات مجالس المحافظات المنقضية، فإن مماحكات وإتفاقات وتحركات القوى السياسية التي حظيت بقاعد مجالس المحافظات ما بعد الأنتخابات ، ستقود الشارع الى مزيد من المعارضة..
فالشارع وهو يراقب تصارع القوى السياسية على مواقع الحكومات المحلية بعلنية فجة، سيكون لديه ما يعبر فيه عن مقته لهذا الأسلوب القذر من أساليب الصراع السياسي..وستجد القوى السياسية نفسها قريبا جدا، أي في أنتخابات مجلس النواب، أمام مأزق جديد، مأزق يتمثل في أنه أذا قاطع إنتخابات مجالس المحافظات نحو 60% من الشعب، فسوف لن تجد تلك القوى وفي أفضل التقديرات، أكثر من أصوات 30% من العراقيين في الأنتخابات النيابية، وعندها سيفقد"الوضع السياسي" الراهن ما تبقى له من شرعية وغطاء..!
كلام قبل السلام: سيأتي وقت لا يثق فيه المرء إلا بنفسه!
سلام...
https://telegram.me/buratha