مديحة الربيعي
لقد تعودنا في العراق على كل ما هو غريب وجديد في مجال خدمة الساسة والسعي لتوفير الأفضل لهم , اما خدمة المواطن فهي في اخر القائمة , وغالبا" ما تكون طروحات الساسة في العراق حصرية ولم يسبقهم اليها اي دولة عربية او اجنبية, وليس ببعيد عن ذلك موضوع الرواتب التقاعدية لنواب البرلمان العراقي , الذي أثار جدلا" كبيرا" في الشارع العراقي وحتى في الاوساط السياسية, اذ لاقى القرار اعتراضا" واسعا" من بعض الكتل السياسية ,وحتى من بعض نواب البرلمان انفسهم, وهنالك تحرك لبعض القوى السياسية والشعبية لإيقاف هذا القرار, فمن المتعارف عليه ان جميع دول العالم بلا استثناء العربية منها والاوروبية لا تعمل بنظام التقاعد لنواب البرلمان , أذ ان نظام العمل في البرلمان لا يتسم بالثبات والاستمرارية في العطاء لسنوات طويلة كما يحصل مع الموظف في دوائر الدولة الذي يخدم لعدة سنوات في مجال عمله ,وطبقا" لهذا الاساس يمنح التقاعد حسب سنوات التي يقضيها في الخدمة , اما النائب في البرلمان فأن عمله ينتهي بمجرد انتهاء المدة المقررة وبدء الانتخابات الجديدة التي قد لا تؤهل نفس النائب للفوز بمقعد في البرلمان مرة اخرى , ويحل محله شخص اخر ووفقا" لهذا الاساس فأن مدة التي يقيضها في البرلمان لا تساوي خدمة الموظف الذي يستحق التقاعد, بالإضافة لذلك اذا ما تم العمل بهذا القانون فأن الموازنة بأكملها قد تمنح كمخصصات تقاعدية للنواب , أذ ان هذه الرواتب ستكلف الدولة ما يقارب 100 مليار سنويا" , فماذا ستخصص الدولة من مبالغ للمشاريع والخدمات اذا تم العمل بهذا القانون ؟ ولماذا ينفرد العراق بهذا القرار دون الدول الأخرى؟ وهل أن الوضع المعيشي والنمو الاقتصادي في العراق قد بلغ مرحلة تسمح بتحمل تكاليف مخصصات التقاعد لنواب البرلمان؟ وعلى ماذا استندت الحكومة العراقية لتساوي بين سنوات خدمة الطويلة التي يقضيها الموظف وبين سنوات معدودة يقيضها النائب في البرلمان؟ وهل ان اقرار قانون التقاعد يصب في مصلحة البلد وفي هذا الوقت بالذات مع تفاقم الازمات ألاقتصادية وتفشي البطالة؟ اسئلة تحتاج الى أجابة من قبل من يعمل لتنفيذ هذا القانون ومن يسعى لإقراره, وفي حال تم اقرار هذا القانون سيكون فصلا" جديدا" من فصول اهدار المال العام , واحدى غرائب القرارات السياسية التي لا تنتهي في البرلمان بشكل خاص وفي العراق بشكل عام
https://telegram.me/buratha