بسم الله الرحمن الرحيم
انتظرناه طويلا, مسؤول يزور مؤسستنا المتواضعة حاملا معه حقيبة الحلول في نظر البعض المتفائل ومهدئات ووعود فارغة في نظر البعض المتشائم . أما انا فكنت بين بين فكثيرا ً ما اعيش لذة الامل ولكن توقعاتي محدودة من المقابل وكنت اعتقد ان تواجد عنصر يجيد صياغة المطالب بنحو عملي وممنهج خالي من كثرة الكلام والتملق سيكون هو مفتاح الحل ولكن سرعان ما تبددت امالي .!
لقد حضرنا بدل العنصر عناصر ووضعنا النقاط فوق حروف المشاكل بل وضعنا طرقا ً للحل عسى ان نعين المسؤول ونُخجل المدراء الذين يخشون تحريك عقولهم خوفا ً على الصدأ من ان ينزعج ولك ان تتخيل شكل القاعة الصغيرة المتواضعة باثاثها الرث والوجوه القلقة تملأ المكان فالبعض يتوعد باحراج المدراء والبعض الاخر يستذكر مشاكله وعيون المدراء تراقب الافواه وترسم على افواهها بسمات كاذبة.
دخل المسؤول وجلس واستغرق الترحيب عشرة دقائق ونفض الوعود وادارها في فلك موازنة 2013 استمعنا باحترام ولكني استغربت عجلته في نفض الوعود قبل سماع المشاكل فعددتها استباق حرص على انه ملم بمشاكلنا ! والحقيقة كشفتها لي العشرون دقيقة المتبقية فالامر لم يكن سوى ( كليشة ) مقدمات ممكن ان تقدم في اي زيارة ودليلي ما حصل في الدقائق الباقية فما ان فتح باب الحوار حتى قفز من تمنيت لو انهم لم يكونوا حاضرين وهم اصحاب المشاكل الخاصة ولكني سرعان ما الجمت غضبي وعتبت على نفسي ففي النهاية هي مشكلة من كم مشاكل وليس من الانصاف ان اتوقع ان تكون الطروحات كلها جماعية وفي اطر الاهم قبل المهم رغم ان هذا هو الاصح .
وحينها خرج المسؤول من وداعة المقدمات الى توجم الملامح والتقط اول حروف الشكوى ثم يكملها على المشهور حتى لو لم يكن المقصد ما اراده الشاكي !! ويستغرق في اجابات استهزائية لا ينظر خلالها وجه المتكلم وسرعان ما يتكلم هو عن مشاكله والسيكار يتأكل في يديه ودخانها يملأ وجهه وبين حرف واخر يرن جواله ويجيب باعلى الصوت ويتمتم بعدها بكثرة الاشغال بينما يرتشف بعض الشاي وكانه يستعجلك رغم انك لم تبتدأ .
ومر الوقت الى الدقائق الاخيرة وحينها بدأت حدة لسانه وكلماته ومقاطعاته تتكاثر وهذه طريقة معلومة لدى امثاله عرفت حينها ان لا جدوى من هذا اللقاء وانه عقيم ولكن يبقى الامل موجودا وفي ختام الجلسة توجهت الى مرافقه واعطيته ورقة فيها مطالب وحلول بخصوص العمل من باب الامر بالمعروف وليس توقع المأمول وتوجهت لي زميلة بتعليق ( الج خلق ) صارفة وقت بالكتابة فاخبرتها باني لم اصرف لها وقتا ً فهذه الورقة طُلبت مني قبل خمس سنوات صرفت وقتا ً وجهدا ً في اعدادها واستنسخت منها نسخا ً وفي كل عام واجتماع يُطلب مني الطلب ذاته اقدمها !!! فالحال هو الحال والذي يتغير فقط هو وجه المسؤول .
اتمنى ان اقابل مسؤول يتمتع بهذه الصفات فعندها فقط اتوقع اني ساكتب ورقة جديدة:
ان يكون مستمعا ً جيداً ففي فسحه المجال سيكتشف زيف الادعاء من حقيقته .
ان لايؤشر كثيرا ويمسك جوالا ً ويتكلم مع الاشخاص وانت تتكلم فكل تلك تعزيزات لشخصية لم يكتمل نضجها واخلاقها .
ان لا يتكلم عن نفسه وماضيه وجائني فلان نائب وقضيت حاجة فلان وزير فهاذ يعكس صغر حجمه في قرارة نفسه .
ان لا يجعل للزيارة موعدا لقطع الطريق امام المتملقين والمنافقين .
واخيرا ً عرفت ان صياغة المطالب بشكل علمي وعملي ممنهج ليس كل شيء مازال الجدران تعكس صداه الى صاحبه وشعرت ان من يخنقني صدأ عقولهم هم افضل ممن يعلونهم فلهم افواه اكبر من عقولهم !!
نسأل الله الشفاء لمجتمعنا من امراضه وعلله .
https://telegram.me/buratha