السياسة كالعملة، بوجهين، وجه يعنى بالشأن النظري، والوجه الثاني يهتم بتطبيقاتها..الأول تأسيسي، والثاني نتيجة..وهي بالأساس مشروع بالتطبيق يتحول الى إنجاز...العملة الممسوح أحد وجهيها لا يتم التعامل بها في سوق التبادل السلعي القائم عبلى قاعدة النقود مقابل الكبضائع، فالباعة لا يقبلونها، وعندما يغيب أي من عنصريها (النظرية والتطبيق)، تفقد السياسة معناها..
السياسة مدخلات ومحرجات، المدخلات هي الأطر التنظيرية، والمخرجات هي التطبيقات، فإذا بقيت بحدود الأطر التنظيرية تتحول الى ثقافة سياسية، وإذا أقتصرت على الممارسة التي لا تستند الى أطار تنظيري، تحولت الى فوضى ،وهذا هو ما نعيشه فالـ ( زعامات) السياسية تتعامل بالسياسة بوجه واحد فقط من وجهي العملة، وأقتصر مفهوم السياسة لديها على الممارسة المدعمة بسيادة تفكير التغالب..
التغالب هو الآخر يحتاج أيضا الى تدعيم، ولذلك يرفع الساسة شعارات مرتبكة ومربكة في آن واحد، والشعار يحتاج الى مفاهيمية، لكنها هي الأخرى غائبة في معظم الأوقات، وغياب المفهوم يؤدي الى فشل المنجز، ولذلك وبمراجعة بسيطة لما أنجزه ساستنا، نجد أنهم لم ينجزوا شيئا أكبر من الفشل..!
فمن لا يمتلك رؤية ولا مشروعا، ويرفع شعارات يجهل معناها، ولا يتوفر على خطة لإنجازها عمليا، ولا يستطيع تشغيل خياله للتفكير في الأساليب التي تنسجم مع طبيعة مرحلته، بما يكفل تحويل الشعار الى واقع. لا ينجز شيئا أكبر من الفشل..!
ولأن المفاهيمية غائبة عن ساحة الساسة، ولأنهم لا يفكرون ولا يريدون أن يفكروا أو يتعبوا أنفسهم بالتفكير، فإنهم يخافون الثقافة والمثقفين، ويسعون لإبعادهم، تجنبا من أن يبدون أقزاما أمامهم..!
نفور الساسة من الفكر والتفكير مشكلة عصية حولتهم الى أشباه أميين، والمحصلة خطيرة جدا، لأن من لا يفكر سيكون عدوا طبيعيا للفكر والمفكرين، وتؤكد هذه المحصلة الخطيرة على أستحكام الرغبة بإلغاء العقل وإستبعاد العقلنة والشفافية والقيم النبيلة، والمخرج النهائي لهكذا واقع هو سيادة القبح والفساد..
ونظرا لافتقار الأحزاب والساسة لمشروع فكري وعجزها عن الفعل، فقد إستبعدت صناع الرأي وفتحت أبوابها للقيادادت الأجتماعية الوهمية..وهو موضوع كبير سنتناوله بجرأة في قابل ألأيام، وسنتعرض بسببه لمشكلات ومواجهات أخذنا إحتياطاتنا لها مسبقا..فهذه القيادات الأجتماعية الوهمية تعج بها اليوم صالونات الأحزاب والقوى السياسية، وهي من حيث طبيعتها، تتعارض مع المفهوم الحديث للحزب، كما أنهم لا يقبلون بالحداثة ولا بالديمقراطية، وهم يستعملون الغطاء الحزبي للحصول على الامتيازات، وفي أفضل توصيف لهم فإنه يمثلون ناسورا في مؤخرة تلك الأحزاب...!
كلام قبل السلام: أحيانا أصارع نفسي بشكل سادي ولكني أنتصر في النهاية..!
سلام..
https://telegram.me/buratha