أيام الشباب والصبا, كان لنا أمنية وحلم كبير, هو زوال الكابوس الجاثم على صدر بلدي الحبيب...نعم كنت برغم صباي إلا إن تفكير الخلاص والتغيير لم يفارق مخيلتي, الناس أرهقتهم الحروب والتمييز الطائفي والعرقي, والاعتقال على المذهب والدين أربك الواقع العراقي, حتى أصبح الإنسان في بلدي يحاذر من جدران داره أن توشي بما يدور بخلجاتهِ من أفكار.
اغلب قصص الطغاة نهايتها تعيسة, بحجم الدمار الذي سببوه للعبادِ والبلادِ, انتهت مرحلة مريرة بكل ما تحمل من مآسي واستبشرنا أن يعود ضياء الشمس ليشرق من جديد بعد سنين الظلام والعتمة .
فالأفراح والزغاريد انطلقت بأرجاء العراق والأمل نسج خيوطه الذهبية بعقول الناس لغد مليء بالأماني المتحققة بعد سقوط الصنم, لكن الواقع لم يكن بمستوى الطموح والأماني, جاء من هو أتعس من سابقهِ.
وكأن حكم العراق وكرسيهُ مرض يصيب كل من يتقلده بداء العظمة والسطوة, العراق اليوم حالهُ لم يختلف عن الأمس , في العهد القديم للطاغية كان يؤخذ الرجال من بيوتهم وأماكن العبادة, إلى السجون والطامورات ليلاقوا حد فهم المجهول وانتقالهم من عالم الدنيا إلى الآخرة برمشه عين بعد التعذيب الجسدي بشتى أنواعه والترهيب النفسي المنافي لكينونة الإنسان.
أما اليوم فالمشهد أكثر تحضرا وتقدما رغم رذالة الوسائل المستخدمة كالمفخخات والعبوات وأحزمة الموت الناسفة, الناس يموتون في الشوارع والأسواق والمقاهي ودور العبادة وأماكن عملهم وجامعاتهم, تقطع أشلائهم لتعرج للسماء شاكية من ظالميها, يكاد لا يخلو مفصل من مفاصل الحياة من آلة الموت المروع ولا يوقفهُ سوى ساعة القدر , فالكل مؤهل لنفس المصير.
الحكومة كأنها بحالة من السكر والغيبوبة لا تحرك ساكن وليس لها أي دخل عما يجري من خروقات أمنية وكأن الأمر يحدث لبلد ليس لها حكم عليه, تحصنت هيَ خلف الأبواب المغلقة وغفت أعينها على الأسرة الفارهة والمعيشة الهانئة.
سَلّمت الشعب إلى المؤامرات والمخططات والأجندات الإقليمية وارتضت أن يكون البلد ملعباً جميلاً لكل ألاعبين, أصبح الشعب كبيادق الشطرنج متى ما اقتضت الحاجة للتضحية بهِ يكون طوع الأمر دون علمهِ بذالك,وبأسرع وقت ممكن كي يحافظ دولة الرئيس بسلطانه, ويبقى في اللعب إلى ما لا نهاية.
حكومة لايعرف لها توجه فهيَ طائفية تارة بما تريده من تحشيد شيعتها وقوقعتهم لانتخابها وإبقاء مقاليد الحكم بيدها, وهيَ ضاربة لمجاميع الإرهاب بمقتضى ما يتماشى ومصالحها الشخصية والوقت المناسب لها تارة أخرى, وبين الحالتين ليس المهم ما يقع من خسائر بشرية فألاهم من ذلك كله الاحتفاظ بالكرسي قدر المستطاع.
حكومة تلعب على ورقة الطائفية بتنمية وتغذية مصالحها الضيقة, حكومة متفردة انسلخت عن أبناء جلدتها,"أبو هدلة" الجديد يقتات على إذكاء الطابع الطائفي لإنشاء إقليم شيعي بعد أن عجز عن تحقيق أمانيه بولاية ثالثة, فالمذهب ليس بذات أهمية أمام عرش العراق, والعراق ليس من الضروري إيجاد مكان له بين الدول فهو كما قلنا سابقاً ملعباً جميلاً.
المهم أن يحظى الحزب الحاكم بأحقية مسك زمام الأمور وتوفير القدر الكافي من الحرية للاعبين, وتبقى التضحيات متواترة, وهنا تبادر لذهني المتعب بتشخيص الوضع العراقي المخيف, وقبل ذلك افضل تناول قرص منوم لعشر سنين، لأصحو بعدها من هذا الكابوس لأرى "سريوة" وزيرة خارجية العراق مع ابن اوباما يبرمان عقد جديد لشرق أوسط جديد والله اعلم من المستفيد!.
https://telegram.me/buratha