حسن الهاشمي
ينقل إن قرويا كان يسير في طريق محاذي للبساتين متوجها إلى بلدته، وفي يده رشمة الحمار الذي كان يتبعه بالسير، وكان قد علق على رقبة الحمار جرسا يقرع بصورة منتظمة تبعا لحركته المنتظمة، وقد شاهده اثنان من المتسولين اللصوص وقررا أن يسرقا حماره، وسارا خلفه ببطيء، أحدهما نزع الرشمة من رقبة الحمار وشدها في رقبته، وجعل يقرع بالجرس كما كان في السابق ويتابع السير خلف القروي، والثاني سرق الحمار وانصرف بعيدا، واستمرت حركة القروي بهذه الحالة فترة من الزمن، حتى وصل على أبواب البلدة. وفجأة عطس السارق الذي انتحل دور الحمار، فالتفت القروي وراءه ليتأكد من مصدر الصوت وإذا بعينه تسقط على السارق، فأبدى تعجبه من مشاهدة إنسان بدلا من حمار، وهذا المنظر أبهته وجعله مدة من الزمن غير قادر على النطق، وأخيرا سأله: من أنت؟! أنا الحمار الذي كنت أنت وما زلت صاحبه، وحكايتي وما آل إليه مصيري كالآتي: إني ولد لإمرأة عجوز، وكنت في غابر الأيام غير بار بها ولا يبدر مني تجاهها غير الأذية والمشاق والمتاعب، وفي يوم من الأيام غضبت مني ودعت علي بالويل والثبور، ومن ذلك الوقت مسخت من هيئة إنسان إلى هيئة حمار، وقضيت شطرا من حياتي على هيئة حمار، واليوم اعتقد إن غضب والدتي قد زال ورضيت عني، ودعت لي بالخير والموفقية، وتبعا لذلك رجعت على هيئتي الأصلية الآدمية كما ترى.القروي قام بتعظيمه وإجلاله وفي معرض كلامه له: أخي العزيز إني أعتذر منك، لأنني ومنذ مدة ليست بالقليلة امتطيتك وركبت عليك وقمت بضربك واهانتك وقد شققت عليك فيا مضى، واليوم بعد تقديم اعتذاري وتأسفي على ما بدر منى سأطلق سراحك وأتمنى أن تقضي أوقاتا ممتعة، وبعد مرور عدة أيام ذهب القروي إلى السوق ليشتري حمارا نشيطا لتمشية أموره اليومية، وإذا به يرى نفس حماره السابق في سوق بيع الحمير، تعجب القروي من ذلك، تقرب من أذن الحمار وقال: ماذا بدر منك من أذية وسوء تصرف تجاه مقام والدتك لكي خرجت بهذه الصورة مجددا!!!...
https://telegram.me/buratha