عبدالرزاق علي
وسقط محمد مرسي والنظام الاخواني وأصبحا في خبر كان (كما يقال) بعد أن أحكما القبضة بيد حديدية وبقفازات من حرير على حكم دولة عريقة كمصر بعد أن سرقوا غلة وفي غفلة من الزمن الحضاري المصري، ثورة شبابها المتطلعة الى الحرية والتخلص من البطالة والفقر.في 2008، كنت قد أشرت في احدى مقالاتي والتي نشرتها صحيفة (هولير) الكردية، وتناولت فيها ما سمي ب(الصحوة) أو صعود تيار الاسلام السياسي وبالتحديد تيار الأخوان المسلمين، أشرت فيها الى مقولة مشهورة للرئيس الأمريكي "هاري ترومان" أواسط الأربعينات من القرن الماضي وبعد أن وضعت الحرب الكونية أوزارها وظهر للعالم الغربي بان هناك قوة عالمية صاعدة وند قوي وهو ما سمي بعد ذلك بالمعسكر الاشتراكي بزعامة الاتحاد السوفيتي الستاليني آنذك، حيث يقول "الاشتراكية تسقط عند انتصار دعاتها". فقلت حينها، ان تلك المقولة، يبدو أنها تصلح أو تنطبق حرفيا على التيار الاخواني كذلك، "الاسلاموية تسقط عند انتصار دعاتها"، وتوقعت صعود الاسلاميين في معظم العالم الذي يسمى (العالم الاسلامي)، وتسلم السلطة، وعندها فقط، أي عندما يوضع الاخوان المسلمون على محك السلطة، يبدأ هذا التيار الذي بدا جارفا ولأول وهلة في بعض دول المنطقة، يفقد بريقه وقاعدته الشعبية وبالتالي يبدأ بالسقوط سياسيا وأخلاقيا ويبان للجميع زيف شعاراته وادعاءاته.ومع تسلم الاخوان متمثلا بمحمد مرسي للسلطة في مصر(قاموا بعد ذلك بأخونة جميع مؤسسات الدولة عدا ثلاثة لم يتمكنوا منها: العسكرية، القضاء، الاعلام، ما حدا بهذه المؤسسات الوطنية أخيرا الى ازاحتهم)، عدت وكتبت وفي نفس الصحيفة الغراء، "في مصر.. بداية النهاية"، اشارة الى قرب تبيان خداع وزيف كل ما تدعيه التيارات الاسلاموية وتحديدا الاخوان المسلمين من سياسات وأخلاقيات وشعارات، وهم تسلموا السلطة في مصر.أما الآن وقد سقط مرسي وأخوانه ومعهما كل الادعاءات الفارغة التي طالما تغنوا بها خلال ما يقرب من ثمانين عاما من عمرهم التنظيمي وحكمهم الفاشل والأسود لمدة سنة واحدة في مصر، فأعتقد ان الذي سقط ليس فقط شخصا كمرسي وحزب سياسي من المحتمل أن يعود ثانية في ظل انتخابات قد تجرى بعد سنة أو سنتين أو أكثر.السقوط، يمثل انهيارا لكل ادعاءات الاخوان المسلمين خلال عشرات السنين في المعارضة وفي السلطة في الآونة الأخيرة وسيتبعها حتما انهيار التنظيم الاخواني العالمي وسطوتهم في تونس وليبيا وسورية المنتظرة مصيرها والسودان والمغرب والبقية تأتي لامحال.من الضروري هنا الاشارة الى حديث أحد رجالات الدولة المصريين وما أكثرهم، وهو يقول ان "محمد مرسي والاخوان المسلمين في مصر أرادوا ومن خلال سلطتهم التي دامت سنة واحدة، أرادوا جعل مصر أحدى ولايات امبراطورية الاخوان التي كانوا ينون بناءها ولم يدركوا قط مكانة مصر كدولة كبيرة عريقة وفيها شعب حي رغم فقره".والفقر، كان ولايزال الخطر الداهم على المجتمع المصري وتماسكه، وهو بمثابة السلم الذي يتسلق منه الاسلاميين الى السلطة، ولذا يرى الغالبية العظمى من المراقبين والباحثين في الشأن المصري، بان القضاء على الفقر، هو السبيل الوحيد والأنجع لضمان عدم عودة مرسي واخوانه.ان ثورة مصر، والأصح أن نقول تصحيح مسار الثورة المصرية، أثبتت حقائق كثيرة، أذكر منها اثنتين فقط. أما الأولى، ان الاسلامويين واخوان المسلمين بالذات، يرون في الديمقراطية سلما للصعود الى السلطة ويقومون بعدها بلعنتها والتنكر لكل مبادءها. والثانية، لايستطيع الاسلام السياسي اختراق دولة مؤسسات راسخة ولا يقدر على حكم شعب حي.وأختم، وفي سقوط مرسي واخوانه، دروسا وعبرا للتنظيمات الآخوانية المحلية في منطقتنا، عسى أن يستفيد منها اخوانيو كوردستان الذين طالما تشدقوا بالتجربة المصرية بل وهددونا بها، يرحمهم الله.
https://telegram.me/buratha