بقلم/ ضياء المحسن
تختلف الحرب الأهلية عن الحرب الطائفية، من حيث الأهداف والأساليب المستخدمة فيهما الحرب الأهلية، هي قتال داخلي منظم ومخطط له، وله أهداف سياسية يسعى لتحقيقها من خلال سيطرته على السلطة أو التحكم بجزء من الدولة والهيمنة على موارده، من قبيل الحرب الأهلية الأمريكية 1861 ـ 1865، والحرب الأهلية اللبنانية 1975 ـ 1989، والحرب الأهلية في يوغسلافيا 1992 ـ 1994
الحرب الطائفية، تأخذ طابعا دينيا صرفا، وهي حرب داخلية منظمة ومخطط لها للسيطرة على الحكم أو فصل جزء من الدولة، وتأخذ طابع التصفية الجسدية والتطهير الديني والمذهبي، ومن أمثلة الحروب الطائفية الحروب الصليبية العشرة 1091 ـ 1571 و الحروب المذهبية بين السنة والشيعة و الحرب بين البروتستانت والكاثوليك في أيرلندا الشمالية
خلال فترة حكمه، لعب صدام حسين بالورقة الطائفية بصورة غير مباشرة من خلال تقريبه لبعض العشائر على حساب البعض؛ حتى أنه إستخدم بعض العشائر السُنية تحديدا لضرب عشائر سنية أخرى عارضت أو لم يوافق وجهائها على سياساته
المتتبع لمسار العملية السياسية بعد التغيير في نيسان 2003، يشخص طبيعة التوليفة التي يتكون منها النسيج العراقي؛ والتي أنتجت لنا شكل النظام الجديد، فغالبية سكان البلد من العرب، والأكراد الذين يمثلون القومية الثانية؛ بالإضافة الى التركمان والأشور والأرمن والشركس، يمثل الشيعة 65%من السكان، 32% سُنة، بينما يمثل المسيحيون والصابئة المندائيون والأيزيديون حوالي 3%، وهو نسيج إجتماعي متعايش مع بعضه البعض منذ مئات السنين، وترتبط العوائل العراقية فيما بينها بأواصر قوية عن طريق الزواج فيما بين البيوتات العراقية المعروفة
يؤخذ على العملية السياسية في العراق، أنها بُنْيَتْ على أساس طائفي وقومي، على عكس ما كانت تسير عليه الدولة العراقية منذ تأسيسها سنة 1921 حيث أخذ الطابع القومي منحىً كبيرا في سياستها العامة ( دفاعهم عن فلسطين 1948 وخروج تظاهرات أثناء العدوان الثلاثي سنة 1956 ومساندتهم للشعب الجزائري في مقاومتهم للإحتلال الفرنسي)
هذه المحاصصة أخلّت بالأيديولوجية القومية التي كانت تسير عليها الدولة العراقية منذ تأسيسها. وعلى الرغم من أن أطراف هذه المحاصصة متمسكون بها ومستفيدون منها، إلا أن شرائح معينة في المجتمع العراقي، ليست بالضرورة طائفية أو قومية أو مناطقية بل سياسية، لم تنسجم مع النظام الجديد بسبب الأخطاء التي ارتكبها الأمريكيون وعدم تمكن من جاء بعدهم من إصلاح تلك الأخطاء ومحاولة لم الشمل والتعامل مع الجميع على أساس عادل.
الإحتجاجات القائمة بدأت على أثر التعرض لبعض السجينات وإساة معاملتهن، بعدها تطور الأمر بإعتقال مجموعة من حمايات القيادي في القائمة العراقية الوزير رافع العيساوي، ومطالبة المتظاهرين بالعمل على تحسين الأوضاع المعيشية للعراقيين؛ وهي مطالب لاتستثني مكون معين. إذن لا يمكن القول بأن هناك صراع شيعي سُني لأن جميع الأطراف إكتوت بشرار هذا الصراع ما بين العامين 2005 و2007 ولن يسمحوا لأحد بجرهم إليه، ويردد العراقيون دائما شعار " إخوان سُنة وشيعة.. هذا البلد ما نبيعه"
بلحاظ الأجواء الطيبة التي أشاعها الإجتماع الرمزي الذي دعا إليه السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، والمصالحة التي جرت بين رئيسي السلطتين التنفيذية والتشريعية؛ والتي نأمل من السياسيين إستثمار هذه الأجواء للإلتفات الى المطالب المشروعة للمتظاهرين وتلبيتها لسحب البساط من تحت أقدام البعض الذين يراهنون على تلك التظاهرات لتنفيذ أجندات خارجية بعدما تبين أن كثير من الأوراق إحترقت لجر البلد لحرب طائفية تذهب لتقسيمه الى كانتونات صغيرة
https://telegram.me/buratha