مع أننا كلنا لا يمكننا إخفاء رضانا عما حدث في مصر قبل عدة أيام، من إندحار تمناه الجميع لنظام حكم الأخوان المسلمين فيها، إلا أن هذا الإندحار يحمل وجها آخر يتعين الوقوف عنده والتحسب لتداعياته..
فالمصريين الذين يوصفون دوما بأنهم متدينون بالعادة، دفعهم تدينهم الطبيعي الى إعطاء الأخوان المسلمين نسبة من أصواتهم أهلتهم الى أن يعتلون سدة الحكم، وكانت النسبة لا تزيد عن 50% من الناخبين وليس كل المصريين، وهذه نقطة مهمة أيضا في التفكير، ولكن الأخوان وخلال أقل من سنة خذلوا الشعب المتدين تدينا طبيعيا، وكفّروا من لم ينتخبهم، وأصبح ثلاثة أرباع الشعب المصري البالغ تعداده أكثر من 75 مليون مواطن كفار بنظر الأخوان المسلمين، أي أن أكثر من 50 مليون مصري يجب إرسالهم الى النار وجهنم وبئس المصير كما قال أحد مشايخ الأخوان ...
وكان على هؤلاء الـ 50 مليون مصري ـ على الأقل ـ الدفاع عن وجودهم، ولذلك خرجوا لتصحيح المسار الديمقراطي، فالديمقراطية ليست عسلا دائما، وهي ولّادة للمشكلات كما هو حاصل عندنا، وهي مليئة بالحفر والمطبات، والحيل والخدع والألاعيب، وأبسط مثال قريب على ألاعيب الديمقراطية هو مثال السانت ليغو، فرية توزيع المقاعد في إنتخابات مجالس المحافظات العراقية..هذه الفرية التي سرقت أصوات الكبار وأعطتها للصغار الذين تلاعبوا بمقدرات تحالفات ما بعد الأنتخابات..
لقد إستطردنا كثيرا وجرنا الحديث الى خارج صلب موضوعنا، لكن هذه هي السياسة توهان دائم يتعين الخروج من تيهه بالانتباه لمطباته وتسويتها..وخروج المصريين بمعونة العسكر لتصحيح المسار من هذا النمط من عمليات تصحيح المسار..
العسكر ...العسكر...آه من العسكر..، العسكر المصري مضى عليهم أكثر من ستين عاما وهم يديرون الحياة السياسية في مصر..وهم في هذا الموضوع حالهم حال بقية العسكر في البلاد العربية، أداة حكم وأداة حماية الحكم الذي يديرونه، وهو حال تشترك فيه معظم دول العالم الثالث، والتاريخ القريب يذكرنا بأن العسكر التركي المدعوم من الغرب الديمقراطي أنقلب 4 مرّات على خيارات الشعب الديمقراطية..!، ومثله فعلها الجيش الجزائري بانقلابه على الإسلاميّين، بعد أن فازوا في الانتخابات وتسبّب حينها بإشعال فتيل الحرب الأهليّة، ولن يكون من الميسور تجاوز هذه الحالة لسبب بسيط هو أن مفهوم القوة في العالم الثالث يستمد من قوة الذراع والسلاح، لا من من قوة العقل والحجة والإقناع، ولا من قوة إشاعة حرية الرأي وإحترام المعتقد والحفاظ على الحقوق وصيانة الكرامة الأنسانية وتثبيت قيم العدالة...
كلام قبل السلام: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} (يوسف: 21).
سلام..
https://telegram.me/buratha