علي جاسم
ما زال مصاصو الدماء العراقية ومجتثو الكفاءات العلمية يمارسون عملية مص ارواح العلماء والاطباء والاساتذة والمثقفين بلا هوادة، يطلقون نيران أسلحتهم وحقدهم على صدور امتلأت بحب العراق، وعلى عقول وعت من العلم ما أرادته ان يكون في خدمة أبناء وطنها، وكأنهم كانوا يقصدون هذه الكفاءات لسببين معا، الاول كون الشخصيات العلمية هي عماد المجتمع وهي من تقوم برفع أعمدته عبر تعليم وتربية الطلبة والناشئة وتقديم الخدمات الصحية والتربوية للمجتمع بأكمله، فأرادت ان تحرم المجتمع من هذه العقول العلمية وهذه الخدمات الانسانية الناصعة البياض، أما السبب الاخر فهو هدفها بنحر وذبح كل وريد تسبح دماؤه بحب العراق وهوائه وترابه.الأحداث الأمنية المتراكمة خلال العقود الماضية ما بين حروب ومغامرات الطاغية صدام، وما بعد عام 2003م، أدت في مجملها الى هجرة كبيرة في أعداد العقول والكفاءات العلمية العراقية إلى دول الخارج طلباً للأمن والأمان، لاسيما وان هذه الاختصاصات الطبية والعلمية والثقافية كانت مستهدفة بشكل كبير جداً من قبل زمر الجريمة والإرهاب عبر جرائم القتل والخطف والابتزاز والسرقة والتهديد والوعيد والتخويف مما جعل أبناء العراق يتعرضون الى الحرمان من خبرة وكفاءة ومهارة العشرات من الاختصاصات العلمية الوطنية والمعروفة بتميزها وقدرتها الابداعية وتاريخها العلمي الحافل بالإنجازات المعروفة على المستويين المحلي والدولي، حيث خسر الشعب العراقي هذه المهارات والكفاءات في ظروف كان أحوج إليها أكثر من أي شعب آخر نتيجة تعرضه الى الظروف القاهرة التي مرت به خلال أعمال العنف والتفجيرات الإرهابية وبقاء بعض الجامعات والكليات والمدارس والمستشفيات العراقية تعاني النقص الشديد والحاجة الكبيرة لهذه الكوادر العلمية الكفوءة، مما أنعكس ذلك وبشكل واضح جدا على الخدمات المقدمة للمواطنين.ورغم ان الحكومة حاولت، وما زالت تحاول إعادة الكفاءات العلمية إلى وطنها مستغلة التحسن الأمني المتحقق في العاصمة والمدن الأخرى، وعبر نقل حالة التحسن الأمني إلى الدول التي يتواجد فيها العراقيون عبر وسائل الإعلام والفضائيات التي تنقل صور حقيقية وواقعية عن تطورات الحالة الأمنية في البلاد وتوجيه دعوات وبذل مساعي وجهود كبيرة لإعادتهم واحتضانهم من جديد وتقديم وعود صادقة بتوفير الأمن والاستقرار لهم، وهي مساعي جيدة ومحمودة تعكس مدى اهتمام الحكومة بهذه الفئات والكفاءات وتؤكد حرصها على اعادة كل عراقي يمكن ان يسهم في بناء بلده وينفع مجتمعه، إلا ان استمرار وتواصل تعرض الاطباء والاساتذة الى عمليات اغتيال هادفة عبر عصابات الجريمة المنظمة بالتأكيد هي علامة استفهام تعرقل تنفيذ هذا المطلب الحكومي الكبير والرغبة بإعادة أي كفاءة عراقية الى بلادها، وتضع أكثر من سؤال في منتصف هذا الملف الذي أخذ وقتا طويلا دون حسمه بشكل مفرح، رغم رجوع البعض ممن هاجر وترك أرضه ووطنه، لأنه إن كانت الأجهزة الأمنية تعجز عن توفير الأمن لمن هم في البلاد وفي منطقة معينة تتمتع بمقدار كبير من الأمن والطمأنينة فكيف سيكون الحال في الأطراف والقرى النائية أو المدن الساخنة؟!.
https://telegram.me/buratha