احمد ثجيل المذكور
(هذه المقالة واحدة من سلسلة مقالات قصيرة, سنتناول فيها موضوع كبيرا..)أزمات مختلفة ومتنوعة عاشها المواطن العراقي, وتأقلم معها ومنها أزمات الكهرباء وشحة وسوء توزيع المشتقات النفطية على سبيل المثال لا الحصر.أزمات.. أزمات.. كلها أزمات ذات الصلة المباشرة بالمواطن وفي مقدمتها أزمة السكن ذات المساس بكرامة الإنسان ووجوده. مشكلة السكن عندنا ليست حديثة, وليست وليدة اليوم, بل هي من تركات الماضي وتراكمته، فالأزمة الحالية هي امتداد لأزمة السكن في العهود السياسية السابقة, خصوصآ في عهد النظام الصدامي البغيض, وعنجهيته وتخبطاته, والقرارات الغير مدروسة التي كان يتخذها على غير هدى, فقد استغلت اموال العراق وثرواته الهائلة, لتمويل الحروب العبثية المتعددة مع دول الجوار, منها حربه مع الجارة أيران, وحربي الخليج الأولى والثانية التي سار فيها العراق بطريق نزيف الدم والخيرات, وماخلفته العقوبات الدولية والحصار الذي فرض السنين العجاف, التي اثرت سلبا على البنى التحتية, وتعويضات الأجتياح العراقي للكويت التي ما زلنا نعيش تداعياتها الى يومنا هذا. قطاع الاعمار والاسكان قطاع حيوي ومهم, وذو صلة مباشرة بحياة المواطن, وهو بحاجة الى إدامة وتجديد وبناء مستمر, نتيجة للزيادة الطبيعية المستمرة للنمو السكاني, حيث ان سكان العراق يتضاعف عددهم بنسبة 250% كل 20 سنة, لكن 63% من العراقيين ما يزالون بلا سكن.إن إتساع نطاق الأزمة يشير الى تخلف حضاري مشين ومأساة إنسانية, لان عدد السكان لا يتناسب مع عدد الوحدات السكنية الموجودة, واغلب الموجود لا يتوفر على الحد اللائق للحياة الإنسانية, ناهيك عن إن تطور الحياة ومفاهيمها واختلاف العادات والتقاليد, فاقم المشكلة وإعطاها إبعاد جديدة.لقد كانت الأسرة التي تتألف من عشر أفراد أو أكثر, تشغل وحدة سكنية واحدة, لكنها أصبحت اليوم بحاجة الى أكثر من ثلاث وحدات, وايضا لتطور العمران الأثر السلبي في تفاقم الأزمة, فأشكال المنازل الهندسية لها تأثيرها, إذ كان المنزل الشرقي يبنى ليحوي أكبر عدد من الغرف, لتوفر السكن لثلاث عوائل أو أكثر في وحدة سكنية واحدة مكونة الاسرة الكبيرة (الام) التي يعيش فيها الجد والجدة والأب والأم والأعمام والأحفاد ..أما اليوم فالوحدة الواحدة لا يمكن أن تحفظ إلا خصوصية عائلة واحدة .إن تطور الحياة وأنتشار أستخدام السيارة الخاصة بشكل اوسع, وسهولة اقتنائها جعل منها جزء لا يتجزأ من المنزل, واستدعى توفير مكان آمن لها بداخله, وكل هذا وذاك أمورا عمقت الأزمة وجعلتها بجذور قوية ومتشعبه.«ما أصبح بالكوفة احد إلا ناعماً ـ مرفها ـ» ما أحوجنا الى أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب(عليه السلام) وحكمته وتخطيطه في ادارة الامور, وهو القائل ما آنف من قول . يتبع...
https://telegram.me/buratha