المقالات

أين عدل علي عليه السلام من عدل مناوئيه؟!

543 12:40:00 2013-07-10

حسن الهاشمي

نوعان من العدالة اذكر بهما أخوتي وأخواتي القراء لعلهما يوضحان نهج الإسلام الأصيل ونهجه المزيف، وإن هذان المثالان يمثلان رشفا من ديم سير التاريخ التي تزخر بالكثير في هذا الشأن: الأول يمثله الإمام علي بن أبي طالب رمز العدالة الإنسانية بحق وبجدارة وبلا أدنى شك، دخل عمر بن العاص على الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام ليلة وهو في بيت المال، وكان الإمام ينظر في أموال المسلمين وحسابهم ودواوين العطاء وعنده سراج يضيء بنوره الضئيل، وقد اشترى زيت ذلك السراج من بيت المال، فلما دخل ابن العاص وأراد أن يتحدث مع الإمام في بعض الشؤون، أطفأ الإمام السراج، وجلس في ضوء القمر، ولم يستحل أن يجلس في الضوء بغير استحقاق.الثاني ينقل عن الحجاج بن يوسف الثقفي قد ولى رجلا إعرابيا إمارة إحدى الولايات، ذلك الرجل قد تطاول على بيت المال، الحجاج عزل ذلك الإعرابي، ولما حضر المخلوع مجلس الحجاج، التفت إليه وقال: أكلت مال الله ولا تخافه، رد عليه الأعرابي، إذن أي مال أأكله، قسما بالله كلما طلبت من الشيطان فلسا لم يعطني!!! ضحك الحجاج من كلامه وعفا عنه.العدالة هي إحقاق الحق وإبطال الباطل وإعطاء كل ذي حق حقه، وجعل الأمور في نصابها الصحيح والحكم بما أنزل الله دون محاباة أو ظلم لأحد على حساب أحد، فهي ملكة وممارسة قبل أن تكون لقلقة لسان أو ادعاء فارغ.الدولة العادلة بما فيها الحاكم العادل حينما يتعاطى مع الإنسان في وطنه تعاطي الأب الرؤوف مع أولاده والأم الحنون مع أطفالها والأستاذ الملتزم مع طلابه والموظف النموذجي مع مراجعيه، فإن تعامله الأمثل مع رعيته يكون بمثابة تقوية وتمتين أسس السلطة في البلاد، حيث إن الترابط الأمثل ما يزال وثيقا طالما هنالك ثقة متبادلة بين الحاكم العادل وبين الشعب، وعدالة الحكم تتمخض بالتعاطي الإيجابي مع تطلعات الجماهير وتوفير الأمن والخدمات والرفاهية لهم بغض النظر عن انتمائهم القومي والإثني والمذهبي والجغرافي وغيرها من الاعتبارات التي تذوب وتتلاشى في بوتقة الانتماء للوطن. أهمية الدولة ترجع إلى أهمية الإنسان، وإن الدولة خادمة للإنسان ومحققة لأغراضه وأهدافه، فمن ذلك ما ورد عن أمير المؤمنين إلى بعض عماله كما في نهج البلاغة: "فإنك ممن استظهر به على إقامة الدين، وأقمع به نخوة الأثيم، وأسد به لهاة الثغر المخوف، فاستعن بالله على ما أهمك، واخلط الشدة بضغث من اللين، وأرفق ما كان الرفق، واعتزم بالشدة حين لا تغني عنك إلا الشدة، واخفض للرعية جناحك، وابسط لهم وجهك، وألن لهم جانبك، وآس بينهم في اللحظة والنظرة والإشارة والتحية حتى لا يطمع العظماء في حيفك، ولا ييأس الضعفاء من عدلك، والسلام".ونلاحظ إن الرعية التي كثيرا ما وردت في أحاديث الإمام فإنها تشمل الناس عموما بغض النظر عن القومية أو العنصر أو الدين والمذهب، فإن المسؤولية في منطق الشريعة لا تخص الإسلام والإيمان فقط ، ولا المسلمين والمؤمنين فحسب، ولا الرجال والنساء فقط، ولا البشر فقط، وإنما جعلت الأمة هي الركن، لذا فالمسؤولية تعم ما خلق الله تعالى مما يمكن للبشر الاستفادة منه في خير أو شر، في حق أو باطل، في هداية أو ضلالة وما إليها، حتى الأرض والتراب والبلاد والبر والبحر والناس مسؤولون عنها بشتى أنواع المسؤولية، سكناها زراعتها تركها إسرافها ونحو ذلك، وحتى البهائم والحيوانات فالإنسان مسؤول أمام الله عنها في ظلمها والرحمة بها والاستفادة منها في خير أو شر، في تبذيرها وإسرافها وغير ذلك، يقول أمير المؤمنين في هذا المضمار: "اتقوا الله في عباده وبلاده، فإنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم"، لهذا من تعامل مع خلق الله مطلقا بالحسنى فهو عادل والعكس بالعكس.ومن هنا نقول بأن القيم الإنسانية والأخلاقية التي قامت عليها فكرة الدولة في الإسلام هي القيم التي يتجه إليها طموح البشر في العصر القديم والحديث على مستوى الدولة النموذجية، وعلى مستوى النظام الدولي المرتجى، وهي قيم العدالة والحرية الواعية وكرامة الإنسان وتيسير سبل التكامل الروحي والمادي لبني البشر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك