ليس غريباً زيارة البرزاني لبغداد.. فهو قد قضى سنوات طويلة من شبابه ودراسته فيها.. واستمر يأتيها مفاوضاً وزائراً ومقيماً مدافعاً عن القضية الكردية والعراقية على حد سواء..
وفي بداية ايار 2003 استقر في فندق "برج الحياة".. الذي عقدت فيه سلسلة اجتماعات لمتابعة تطورات الاوضاع.. ووضع الخطط، مع بقية القوى، لرسم مستقبل البلاد، وعلى رأسها تشكيل حكومة انتقالية.. والتي كادت ان تحقق اهدافها خصوصاً بعد البيان الصحفي لزلماي خليل زاد.. على اثر مفاوضات حضرها البرزاني وبقية القادة العراقيين، معلناً ان حكومة عراقية ستعلن خلال ايام قليلة.. لكن انقلاباً حصل للسياسة الامريكية ازاء العراق..
فنقل "كارنر" و"زلماي" وعين بريمر (نهاية الاسبوع الاول من ايار 2003) كمدير "للادارة المدنية المؤقتة". وفي (22/5/2003) قرر مجلس الامن فرض الاحتلال، بموافقة الاعضاء الخمسة عشر ومنهم ممثل المجموعة العربية.. احتج العراقيون -ومنهم البرزاني- على "الاحتلال" و "ادارته".. وجرت مباحثات صعبة لعب فيها ممثل الامم المتحدة الراحل "ديميلو" دوراً كبيراً للوصول الى صيغة مؤقتة وانتقالية تخرج العراق من الاشتراطات الدولية.. التي تراكمت بعد سلسلة الحروب. فتشكل "مجلس الحكم" (تموز 2003) الذي ترأس البرزاني احدى دوراته.. ولعب دوراً محورياً في الامور المفصلية "كقانون ادارة الدولة" (8/3/2004).. وتشكيل الحكومة "المؤقتة" لعلاوي.. والانتخابات الاولى.. وتشكيل حكومة الجعفري.. واعداد الدستور والاستفتاء....
ثم تشكيل الحكومة الاولى والثانية للمالكي.. وسلسلة من الاجتماعات المعقدة سواء مع القوى السياسية العراقية والاجنبية.. او مع مسؤولي الدولة "كاعلان المبادىء" للقادة الخمسة في 2007.. او اتفاقية انسحاب القوات. فخلافات البعض –المحقة والباطلة- مع البرزاني في مسيرته الطويلة الشاقة، دليل على دوره ومكانته، كقائد كبير ليس على المستوى الكردي والعراقي فحسب بل الاقليمي والدولي ايضاً. وان مجيئه الى عاصمة بلاده – بغداد- هو الامر الطبيعي.. وعكسه الشاذ.
برغم ذلك تبقى الزيارة استثنائية في توقيتها.. فهي تأتي بعد زيارة رئيس الوزراء لاربيل ونيته زيارة الانبار، وبعد مبادرة اللقاء الرمزي للسيد الحكيم.. مما يشير الى روح جديدة من الحوار والسعي لحل المشاكل وتجاوز الازمات التي ارهقت الجميع والبلاد.. وستظهر الجدية من عدمها في النجاح بتمرير القوانين الاساسية.. وبناء نمط جديد من العلاقات، ملزم للجميع ولمصلحة الجميع، يساعد على الانطلاق، بدل البقاء في دائرة الازمات والعراقيل.
https://telegram.me/buratha